انتزع المهندس المعماري بيتر تسومتور مؤخرا مكافأة "بريتزكر" لعام 2009 التي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار، والتي تـُعتبر أرقى جائزة عالمية في فن العمارة حتى أنها تُسمى "جائزة نوبل" للهندسة المعمارية.وسيُقام حفل رسمي يوم 21 مايو القادم في العاصمة الأرجنيتينة بوينوس أيريس لتسليم هذه الجائزة الرفيعة للسويسري تسومتور الذي سيحتفل قريبا بربيعه السادس والستين.
لجنة تحكيم "بريتزكر"، التي تضم مهندسين وأكاديميين وكتاب ومُصممين، أشادت لدى الإعلان عن فوز تسومتور يوم الأحد 12 أبريل الجاري، بما أسمته هياكل المهندس السويسري الخالدة التي تـُغذي الثقافات التي تُشـَّيدُ فيها وتُبدِي الاحترام لمُحيطها. وقد تمت مكافأة تسومتور أعمال منتقاة تشمل كنائس ومتاحف ودورا للمسنين وحمامات حرارية شـُيـّدت حول ينابيع ساخنة.
وكتبت اللجنة في هذا السياق: "لـبـِناياته حضور قوي (...)، مما يُثبت لنا مرارا وتكرارا بأن التواضع في النهج المُتـَّبع والجـُرأة لتحقيق النتائج المتوخاة أمران لا يُقصي أحدهما الآخر. فالتواضع يتعايش مع القوة".
"موهبة نادرة"وجاء في البيان الصحفي الصادر عن جائزة "بريتزكر" في مقرها بشيكاغو، يوم الإثنين 13 أبريل: "ولئن كانت معظم أعماله توجد في سويسرا، فإنه صمم مشاريع في ألمانيا والنمسا وهولندا وانجلترا وإسبانيا، والنرويج، وفنلندا والولايات المتحدة. وتوجد أشهر إبداعاته في فالس بسويسرا (الحمامات الحرارية) التي سبق أن وصفتها الصحافة بـ "التـُّحفة"".
وأضاف البيان أن لجنة التحكيم لم تنتق هذا النوع من البنايات فحسب، بل اختارت أيضا متحف كولومبا بمدينة كولونيا الألمانية الذي وصفته اللجنة بـ "عمل معاصر مذهل" مع أنه يظل "في وفاق تام مع العديد من طبقات التاريخ". وقد شُيـِّد هذا المتحف على أنقاض كنيسة قوطية دُمـِّرت خلال الحرب العالمية الثانية.
ولدى إعلانه عن اختيار هيئة التحكيم، نقل توماس. جي. بريتزكر، رئيس مؤسسة "حياة" (Hyatt) عن أعضاء اللجنة قولهم: "إن بيتر تسومتور مهندس بارع يحظى بإعجاب زملائه في مختلف أنحاء العالم لما يقدم من أعمال مُرَكزة، لا تدع مجالا للهوادة، وتتميز بدقة استثنائية"، مضيفا أن تسومتور "يمتلك موهبة نادرة للجمع بين الفكر الواضح والدقيق، والبعد الشـِّعري الحقيقي، مما يُنتج أعمالا لا تتوقف أبدا عن إلهام الغير".
بيـتر تسومتور من مواليد 26 أبريل 1943 في كانتون بازل هو بارع، لكنه ليس نجما!وفي أول رد فعل له، قال بيتر تسومتور: "إن اعتراف عالم مهنة (الهندسة) بمجموعة مباني بهذا الحجم الصغير لمبانينا لـهو مبعث فخر لنا (...)، وقد يمنح الأمل للمـِهنيين الشباب الذين سيقولون، إنْ فعل ذلك تسومتور، سيُمكن لنا أيضا القيام بنفس الشيء، سنتمكن من تشييد بناية بأكملها، وليس فقط تقديم صـُور أو واجهات، كما يمكن أن يُظهر لهم (فوزي بالجائزة) أن سعيهم إلى الجودة قد يجعل أعمالهم مرئية بدون دعاية خاصة".
وكان تسومتور قد فاز بجائزة "بريميوم إيمبيريال" (Praemium Imperiale) اليابانية للفنون في عام 2008 وميدالية الهندسة المعمارية لمؤسسة "توماس جيفيرسون" (Thomas Jefferson) التابعة لجامعة فيرجينيا الأمريكية عام 2006. وقد أصبح الآن بيير تسومتور ثاني فائز سويسري بجائزة "بريتزكر"، بعد المهندسين هيرتسوك ودومورون، اللذين اقتسما الجائزة (100 ألف دولار) عام 2001.
ورغم هذا النجاح، فإن التواضع يظل من أبرز سمات بيتر تسومتور الذي يقدم نفسه كمبدع للمنازل وكمؤلف، والذي يقف على نقيض "المهندسين النجوم" الذين يحظون بتغطية إعلامية مكثفة لدى تنقلاتهم بين مشاريع صخمة في مختلف أنحاء العالم. فعدد الأفراد الذين يُكونون الفريق المتواضع المحيط بتسومتور لا يتجاوز 15 شخصا يعملون معه في ورشته الصغيرة بمدينة هالدنشتاين الصغيرة بكانتون غراوبوندن شرقي سويسرا.
للترف دلالة أخرى مع تسومتور..وقد بدأ الرجل مشواره في مدينة بازل حيث كان نجارا مُبتدئا في ورشة أبيه قبل أن يدرس الهندسة المعمارية، خاصة في معهد "برات" (Pratt) بنيويورك، وقبل أن يعمل لمدة عشر سنوات كمهندس لحساب كانتون غراوبوندن حيث أنشأ مكتبه الخاص في عام 1979.
ويوضح بيتر تسومتور، الذي يحرص دائما على الإشراف شخصيا على كل مشروع من مرحلة التصميم إلى مرحلة الإنجاز، أن هدفه يتمثل في إبداع مباني لإيواء الحياة اليومية يمكن أن يستفيد منها أيضا أشخاص لا يعرفون شيئا في مجال العمارة، ويقول: "يأتي الكثير من الناس لرؤيتي وليقولون لي: أحب العودة إلى بناياتكم، وكلما تأملتها أكثر، كلما أحببتها أكثر".
وبالنسبة لأستاذ الهندسة المعمارية وعضو لجنة تحكيم جائزة "بريتزكر"، كارلوس جيمينيز، "يذكرنا عمل تسومتور (في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة) بأنه من الممكن العثور على الترف في فن العمارة دون أن يكون لذلك علاقة بميزانيات باهظة أو ببحث منهجي عن البذخ".
سويس انفو مع الوكالات