غداة الضــَّجة التي أثارتها تصريحات الرئيس الإيراني في مؤتمر دوربان الاستعراضي حول العنصرية المنعقد بجنيف، أعربت معظم الصحف الصادرة يوم الثلاثاء 21 أبريل عن اعتقادها بأن هذا الانزلاق كان مُتوقعا. في المقابل، كان حـُكم بعض الافتتاحيات قاسيا إزاء المحاولة السويسرية الهادفة إلى إقامة حوار مع محمود أحمدي نجاد.صورة الرئيس الإيراني، في هندامه الرمادي الرصين وسبابته المرفوعة وهو يتحدث بحزم وثـقة أمام مؤتمر مناهضة العنصرية في جنيف، تصدّرت معظم اليوميات السويسرية في أعقاب تصريحاته النارية ضد إسرائيل والدول الغربية في اليوم الأول من المؤتمر الذي تتواصل أعماله لغاية 24 أبريل.
محمود أحمدي نجاد، الذي يـُعتبر نجم مؤتمر جنيف بدون منـازع، صـَب الزيت على النـار عندما وصف الحكومة الإسرائيلية بــ "العنصرية"، ووجـَّه انتقادات لاذعة للدولة العبرية.
وقد أعرب عدد كبير من المُـعلقين عن اعتقادهم أن تلك التصريحات كانت مُتوقعة إلى حد كبير. وشددت صحيفة "بليك" الواسعة الانتشار (تصدر باللغة الألمانية في زيورخ) على أن "أحمدي نجاد فعـل ما كان يـُنتظر منه: فهو ألقى خطبة عصماء حقودة ضد الغرب عموما وإسرائيل خصوصا".
وعلى غرار يوميات أخرى، أدانت "بليك" تلك الكلمات التي وصفتها بكلمات "(شخص) عنصري عبـّر عن آرائه في إطار قمة دولية ضد العنصرية". وسلطت العديد من الصحف الضوء على الطبيعة الاستفزازية لخطاب الرئيس الإيراني؛ فبينـما اختارت صحيفة "لوماتان" الواسعة الانتشار (تصدر بالفرنسية في لوزان) كعنوان لتعليقها "العرض الـسـام لأحمدي نجاد"، تحدثت صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" الرصينة (تصدر بالألمانية في زيورخ) عن "عرض مثير للاشمئزاز".
من جهتها، نوهت يومية "باسلر تسايتونغ" (تصدر بالألمانية في بازل) إلى أن الرئيس الإيراني نجح من خلال هذا المؤتمر، "على الأقل من الناحية الإعلامية، في أن يستأثر بأهمية مبالغ فيها ببشاعة. كما أضر في الوقت نفسه بـنداء الأمم المتحدة ضد العنصرية وبأهداف المؤتمر الأممي".
انتقاد بـلدان غربيةلكن الصحافة السويسرية وجهت أيضا أصبع الاتهام إلى البلدان الغربية، التي كان عدد من أهمـها غائبا عن جنيف. فعلى سبيل المثال، اعتبرت صحيفة "لوتون" (تصدر بالفرنسية في جنيف) "مقاطعة" المؤتمر بخطوة "عديمة الجدوى"، إذ ورد في الافتتاحية: "بانسحابها، تقوم بضعة الدول الغربية هذه بالتضليل إزاء مهمة المنظمات متعددة الأطراف. فمهما كانت نقائصها، تظل الأمم المتحدة محفلا متعدد الأطراف ضروريا للحورا، وهناك كان يجب الرد على أحمدي نجاد".
من جانبها، أضافت يومية "جيورنالي ديل بولولو" (تصدر بالإيطالية في لوغانو بكانتون تيتشينو): "إن كان قد تم الإعداد للمؤتمر المعروف بـدوربان 2 على نحو كاف، وبإرادة قوية لاحترام أهدافه، المحمودة على أية حال، لما تجرأ الرئيس الإيراني على تحدي المجتمع الدولي بأطروحاته الشاذة عن الهولوكوست والدولة العبرية".
سويسرا.. "ساذجة ومتعجرفة"وفضلا عن الضـَّجة التي أثارتها تصريحات الرئيس الإيراني، عـلـَّقت الصحف السويسرية أيضا على لـقاء العمل الذي جمع أحمدي نجاد ورئيس الكنفدرالية السويسرية هانس-رودولف ميرتس مساء الأحد 19 أبريل. "ساذجة"، "خرقاء"، "متُعجرفة".. هذه من بين النعوت التي خلت من أيـة نعومة إزاء المحاولة الدبلوماسية لبرن باتجاه طهران.
صحيفة "تاغس أنتسايغر" (تصدر بالألمانية في زيورخ) كتبت في هذا السياق: "لقد أرادت سويسرا تقديم مساعيها الحميدة في جنيف. وبدلا من ذلك، تصرفت برعونة وأضرت بالحوار بين إيران والغرب". وتعتقد اليومية أن سويسرا سقطت في "الفخ الإيراني"، مثلما حدث في شهر مارس 2008 عندما قامت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي-ري بزيارة إلى إيران.
ومن جهتها وجهت صحيفة "فانت كاتر أور" (تصدر بالفرنسية في لوزان) انتقادات شديدة إلأى نفس الوزيرة التي كانت قد ترددت في المشاركة في مؤتمر دوربان الاستعراضي بجنيف قبل أن تقرر يوم الإثنين 20 أبريل عدم حضور أعمال المؤتمر الأممي.
وذكّـرت اليومية في هذا الصدد أن كالمي-ري "لم تتحلّ بنفس الرزانة العام الماضي، عندما زارت، وهي مُحجبة، وكر الشيطان للتوقيع على عقد غازي لصالح الشركة السويسرية EGL".
قدر من التفاؤلوبعد الاجتماع السويسري الإيراني- الذي لم يـرُق لإسرائيل التي استدعت سفيرها لدى برن للتشاور يوم الإثنين، ترى صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" أن "سويسرا أصبحت من جديد في موقف حرج"، مشددة في المقابل على أن اللقاء بين ميرتس وأحمدي نجاد "قد يكون له أيضا دور إيجــابي".
فبرن تُمثل في واقع الأمر المصالح الأمريكية في إيران منذ عام 1980، وواشنطن أعربت مؤخرا عن استعدادها لتحسين العلاقات مع طهران، وقد يمر هذا الحوار عبر سويسرا. وهذا هو الأمل الذي شددت عليه يومية "برنر تسايتونغ" (تصدر بالألمانية في برن) تحت عنوان: "الكلام من ذهب".
ولكن حظوظ تحوُّل هذا المثل الشعبي إلى واقع في القمة الأممية حول العنصرية تبدو ضئيلة، وقد كتبت صحيفة "جيورنالي ديل بوبولو تقول: "من غير المُرجح أن يكـَلل دوربان 2 بالنجاح"، مشددة على ضرورة الاستمرار في محاربة ما أسمته "سرطان التمييز".
سويس انفو - كارول فيلـتي