ما كادت خيوط الفجر تتبدد، ونزلاء الفرقاطة الفرنسية "لوفلوريال" يستيقظون، حتى صاح الحارس "قارب في البحر".
لقد لمح قاربا صغيرا في عرض المحيط الهندي.
ومثل هذه القوارب نجدها عند الصيادين الصوماليين واليمنيين، وكذلك القراصنة.
أخذ القائد منظارا وراح يتفقد القارب الصغير الذي كانت أمواج المحيط تتلاعب به بين الحين والآخر.
وفجأة صاح القائد "يجب العمل بسرعة".
هدأت الأجواء قليلا، فالإنذار كان خاطئا ، و ما القارب بعرض المحيط سوى قارب صيد .
أمواج المحيط هادئة من جديد ومعها الفرقاطة الفرنسية "لوفلوريال" التي تتبع خطوات العبارة "فيكتوريا" المحملة بـ4 آلاف طن من المواد الغذائية المرسلة للصومال من طرف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
فالفرقاطة والعبارة تركتا بالأمس ميناء مومباسا بكينيا، فالرحلة قد لا تتعدى ثلاثة أيام.
مهمة "لوفلوريال" تأمين سلامة "فيكتوريا" طيلة 72 ساعة، وضمان سلامة ركابها كذلك، فالقراصنة يكثرون بالمنطقة، ولهم تاريخ مع عابريها كذلك.
ففي 2008، هاجم القراصنة 111 سفينة، استولوا على 42 منها وأخذوا 815 بحارا رهائن، بينهم 242 لا يزالون لحد الآن قيد الاحتجاز.
ووفق آخر تقرير لمركز محاربة القرصنة التابع لمكتب البحرية الدولية "بي. أم. أي" الذي نشر في شهر كانون الثاني/يناير الماضي فإن احصائيات العام الماضي تفوق جميع الإحصائيات منذ أن بدأ المركز في عد ورصد اعتداءات القراصنة في 1991.
وبفضل الفدية التي يتلقاها القراصنة في كل مرة من أجل اطلاق سراح السفن والركاب، تمكن هؤولاء من التزود بآخر مقتنيات السفن البحرية والأسلحة والرادارات الأوتوماتيكية.
فمقابل إطلاق سراح الناقلة النفطية السعودية شهر كانون الثاني/يناير الماضي تلقى القراصنة 3 ملايين دولار.
"لوفلوريال" سفينة حربية تابعة للبحرية الفرنسية، تم تشييدها عام 1990، ومهمتها حماية السفن والبواخر من هجمات محتملة للقراصنة الصوماليين التي تصاعد عددها مؤخرا في خليج عدن.
ويدخل هذا في إطار برنامج الاتحاد الأوروبي لمحاربة القرصنة الذي أطلق نهاية 2008.
في انتظار قليل من الحركة
بدأ الليل يغشي مياه المحيط الهندي، ثالث يوم من مرافقة عبارة "فيكتوريا" يكاد ينتهي، والكل على ما يرام ... فالحرارة في شهر آذار/مارس تقارب الثلاثين درجة، وقائد الفرقاطة الرائد مينو يتمتع بالمنظر، وقبل أن ينسحب لتناول عشائه، أعطى "الباشا" كما يلقب آخر أوامره.
فالرجل ذو الـ44 عاما واثق من نفسه "مهمة مرافقة السفن والبواخر وحمايتها بسيطة للغاية".
وهذه رابع مهمة تقوم بها الفرقاطة الفرنسية لحمياة السفن بخليج عدن، وبحاريها الـ95 يتشوقون للحركة والمفاجآة، فخلال شهرين لم يروا القراصنة إلا مرة واحدة فقط.
توتر الأجواء من جديد بالقرب من الساحل
اقتربنا من ميناء مقديشو، والمنطقة خطرة جد لأن القراصنة اعتادوا مهاجمة السفن والبواخر فيها، مستعملين أسلحة من العيار الثقيل، لذلك فالكل على أهب الاستعداد.
في الجهة الخلفية للفرقاطة بدأ عدد من الكومندوس النزول في قوارب زودياك، وفي انتظارهم جنود من قوات حفظ السلام الإفريقية بالصومال ليواصلوا مهمة حماية عبارة "فيكتوريا" وتسلم شحناتها الغذائية بسلام.
عادت الفرقاطة الفرسية "لوفلوريال" أدراجها نحو مومباسا، وبداخل طاقمها شعور باتمام المهمة.