من جنون البقر وأنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الحلوف

المغربية :

خديجة بن اشو | المغربية

أنفلونزا 'الحلوف' رعب في المغرب والعالم
من جنون البقر وأنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الخنازير

في أقل من 3 عقود تعاقبت 3 انفلونزات هزت أركان عدد من الدول، حيث أدى ظهور جنون البقر سنة 1985 إلى كساد الاقتصاد العالمي وسبب نكسة في تجارة لحوم الأبقار، وأربكت أنفلونزا الطيور، سنة 2003 منتوج الدواجن العالمي، لتعود أنفلونزا الخنازير أخيرا إلى الواجهة وتحدث الرعب.

وأيضا لتحرك من جديد حيرة الخبراء في مواجهة عالم الأوبئة. ولقد جرى اكتشاف أول حالة لجنون البقر في بريطانيا سنة 1986، لينتشر بعد ذلك بشكل سريع في عدد من الدول، واتجهت الولايات المتحدة نحو دفع ثمن باهظ بعد اكتشاف بقرة مصابة بمرض جنون البقر في ولاية واشنطن، إذ أنه بعد إعلان وزيرة الزراعة الأميركية سنة 2003 عن إصابة بقرة من نوع هولشتاين بهذا المرض، سارعت روسيا واليابان وتايوان وهونغ كونغ وتايلاند والمكسيك وماليزيا وجنوب إفريقيا وعدد آخر من دول العالم إلى حظر استيراد اللحوم من الولايات المتحدة. في حين قال الاتحاد الأوروبي إنه يتابع الموقف عن كثب.

وأصدرت عدد من الدول الأوروبية حظرا لسنوات عدة ضد استيراد لحوم الأبقار من أميركا لأنها معالجة هرمونياً. ولم تقتصر التأثيرات السلبية للمرض على خسارة مربي الماشية الأميركيين نتيجة إغلاق أبواب التصدير أمامهم بل تعرضت الدول الأوربية لنكسة اقتصادية وهزة لمجتمعاتها قبل سنوات عند اكتشاف المرض في بريطانيا.

ويشير الخبراء إلى أن مرض جنون البقر يرتبط بالإصابة بمرض يعرف باسم (كروتسفيلدت - جاكوب) وهو مرض يصيب الإنسان، ويتسبب في تلف الدماغ قبل أن يؤدي إلى الموت، ومن المعتقد أن المرض ينتقل إلى الإنسان من خلال تناول لحوم مصابة بالعدوى.

وفي المغرب أعلنت وزارة الصحة في مارس 2005 أن مرض التهاب المخ الإسفنجي، وهو الصورة البشرية لجنون البقر، قد يكون وراء وفاة مواطن مغربي يبلغ من العمر 61 سنة، في أحد مستشفيات الدار البيضاء.

وأوضح بيان صادر عن الوزارة أن المتوفى أقام مرات متعددة في أوروبا، مشيرا إلى أنه سيجري القيام بالاختبارات البيولوجية لتأكيد أو نفي التشخيص. وأفاد مصدر مأذون في وزارة الصحة، أشرف على التحاليل التي خضع لها المتوفى إلى أنه عاش طويلا خارج المغرب، وأنه قد يكون حمل المرض معه من هناك، قبل أن يوضح أن جميع الاحتمالات تبقى واردة، باعتبار أن المرض يمكنه أن يبقى متخفيا مدة تتراوح بين 14 و15 سنة.

وأوضحت مصادر طبية أن سبب مرض «التهاب المخ الإسفنجي» ليس ناتجا عن بكتيريا أو فيروس مسبب له، بل ناتج عن بروتين حي اكتشف أول الأمر في إحدى جزر المحيط الهندي، التي كان سكانها، بحكم التقاليد، يأكلون مخ الإنسان بعد موته، مشيرا إلى أن هذا المرض يعتبر الصيغة الأولى لما سيعرف بعد ذلك بمرض جنون البقر. وأضافت المصادر نفسها أن بروتينا شبيها هو سبب الصيغة الثانية التي تعرف بمرض جنون البقر، الناتج عن خلط أعلاف الأبقار الحلوب بجثث المواشي بعد طحنها وإخضاعها لمعالجة حرارية،إذ ظهر المرض بعد تخفيض الحرارة التي كانت تخضع لها الأعلاف لأسباب اقتصادية.

وأكدت المصادر أيضا أن مرض «التهاب المخ الإسفنجي» ليس معديا، ورغم خطورته فإنه يصيب الإنسان في حال تناوله مخ بقرة مصابة بمرض جنون البقر أو أحد أعضائها التي تتركز فيها الخلايا العصبية، خصوصا بعد تسجيل حالات إصابة في صفوف الماعز أيضا.

وذكر أخصائيون في علوم البيئة أن مثل هذه الأنفلونزات تعاقبت منذ قرون، وأنها تخلف ضحايا بين البشر والحيوانات كلما حلت لتعيد الارتباك والحيرة بين سكان عدد من الدول.

من جنون البقر إلى انفلونزا الطيور

واعتبر الأخصائيون أنفلونزا الطيور مرضا معدياٍ أصله الحيوان وليس الإنسان، تسببه فيروسات تصيب الطيور فقط والخنازير بشكل أقل شيوعاً، وأنفلونزا الطيور تختص بالحيوانات والطيور لكنها فى حالات نادرة تعبر حاجز الاختلاف فى النوع لتصيب الجنس البشري أيضاً.

وتصيب العدوى بأنفلونزا الطيور الداجنة إما بدرجة مرتفعة أو بدرجة منخفضة، والعدوى المرتفعة أو المنخفضة تقاس بمدى هلاك الدواجن وموتها، فنجد العدوى المرتفعة تنتشر سريعاً بين مجموعات كبيرة من الدواجن وتصيب الأعضاء الداخلية تصل إلى حد فناء الطير بنسبة تصل إلى 100في المائة خلال 48 ساعة فقط، أما أعراض العدوى المنخفضة فتتمثل في نقص إنتاج البيض, "نفش" الريش ويمكن أن لا يجري اكتشاف هذه الأعراض ولا تسبب مرضا للدجاج لكن ينبغي ملاحظتها جيداً لأنه من الممكن أن تتحول إلى العدوى المرتفعة أى تفشى المرض كوباء بين الدواجن.

وللطيور المهاجرة دور فى نشر المرض من العدوى ذات المستوى المرتفع، كما تعتبر الطيور السابحة في الماء أصل كل فيروسات أنفلونزا (أ)، إذ من الممكن أن تكون حاملة لكل فيروسات الأنفلونزا لكن بدون التعرض لأي أذى واضح منها.

ولقرون طويلة كان من المعروف عنها أنها حاملة لفيروسات بأنواعها الفرعية لكن العدوى تكون من المستوى المنخفض، وعندما تقوم هذه الطيور بالهجرة فإنها تقدم هذه الفيروسات لمجاميع الدواجن، التي تتغير بعد ذلك إلى العدوى من المستوى المرتفع. وفي القديم كانت الطيور المهاجرة مستبعدة عن فكرة نشر وباء أنفلونزا، إلا في حالات نادرة فقط، بحيث كانت توجد بعض الطيور الميتة بين الدواجن، عند تفشي المرض.

والنتائج التي جرى التوصل إليها واستمر الاعتقاد بها لفترة طويلة من الزمن هي أن طيور الماء والطيور المهاجرة ليست هي المسؤولة عن نقل هذه الفيروسات.

أما الدراسات الحديثة فهي على عكس الدراسات السابقة، وتقر بأن بعض الطيور المهاجرة تنشر الفيروس على نطاق كبير، وانتشار الفيروس يكون للعدوى ذات المستوى المرتفع مثلما وقع في منتصف عام 2003 في جنوب شرق آسيا، ولم يحدث فى التاريخ أن العديد من البلدان أصيبت بهذه العدوى فى وقت متزامن وأسفرت عن هلاك العديد من الطيور.

وأشارت بعض الإحصائيات في سنة 2003 إلى نفوق حوالي 150 مليون طائر حيث يستوطن الفيروس في أجزاء متعددة من أندونيسيا، والفيتنام وكامبوديا والصين وتايلاند.
ومنذ منتصف شهر ديسمبر 2003 حتى أوائل شهر فبراير 2004،
تفشى الفيروس بين الدواجن في ثمانية بلدان أسيوية:- كوريا - فيتنام - اليابان - تايلاند - كامبوديا - أندونيسيا – الصين.

وفي أوائل شهر غشت عام 2004 جاءت ماليزيا ضمن قائمة البلدان المصابة بهذا المرض، ثم بعدها روسيــا فى نهايات شهر يوليوز عام 2005 .

وحاول المغرب في تصديه لهذه الأمراض اتخاذ التدابير لحماية تسرب المرض عبر حدوده الترابية وعبر المراقبة الجوية بالنسبة لأنفلونزا الطيور، إذ أنجزت وزارة الصحة، بمساعدة الأطراف المعنية، برنامجا وطنيا لمواجهة الوباء، تتلخص أهدافه في الكشف المبكر لظهور الفيروس، واحتواء انتشاره، وتنظيم رد المنظومة الصحية الوطنية بشكل يتلاءم مع الارتفاع المحتمل لطلبات التكفل بالمرضى، مع الحد من آثاره السلبية.

وذكر بلاغ للوزارة الأولى في أكتوبر سنة 2005 أنه جرى التأكيد على كون أنفلونزا الطيور، تعد مرضا حيوانيا يصيب الطيور، وعدم وجود أي شبهة في وجوده بالمغرب.

وأضاف البلاغ أن وباء أنفلونزا الطيور، الذي ظهر في دجنبر2003 بجنوب شرق آسيا، امتد إلى آسيا الوسطى وتخطى في أكتوبر 2005، حدود أوروبا الشرقية. وتعد الطيور المهاجرة، المسؤولة الرئيسية عن انتقال الفيروس المسبب لهذا المرض الحيواني، ويتعلق الأمر بفيروس (أ. أش.5 إن.1).

وأصاب هذا المرض الذي تسبب في وفاة وتدمير مئات الملايين من الدواجن، منذ ظهوره، عددا محدودا من الأشخاص، عقب انتقال العدوى بشكل عارض وفي ظروف خاصة من الاتصال القريب والمطول بالطيور المصابة.

وشرعت الحكومة، حرصا منها على حماية البلاد من أي مخاطر لدخول هذا المرض إلى التراب الوطني، منذ 2003 ، في وضع إجراءات وقائية وأجهزة للمراقبة، في إطار تعاون وثيق ودائم مع القطاعات والهيئات المعنية، ما مكن من وضع الخطة الوطنية للاستعداد والتصدي لوباء الأنفلونزا البشرية الناجم عن أنفلونزا الطيور.
واتخذت وزارة الصحة سلسلة من الإجراءات الوقائية الهادفة إلى حماية المواطنين في ظل احتمال ظهور حالات من أنفلونزا الطيور لدى الإنسان.

وتتجلى في بلورة خطة وطنية للاستعداد والتصدي لأي وباء محتمل للأنفلونزا الناجمة عن أنفلونزا الطيور لتوحيد جهود مجموع القطاعات والهيئات المعنية، وتعزيز نظام المراقبة الوبائية للأنفلونزا، استغلال تدابير المراقبة ورد الفعل المحدثة سنة 2003 إثر تهديد وباء (سارس)، وشراء أدوية والتهيؤ لاقتناء اللقاح المقبل الخاص بفيروس (أ. أش.5 إن1). وفي هذا الصدد، جرى إحداث خلية لمراقبة الأنفلونزا داخل وزارة الصحة كما جرى عقد اجتماعات للتتبع والتنسيق بين مختلف القطاعات والوزارات من أجل ملاءمة وتعزيز هذه التدابير.

واعتبر بعض الأخصائيين أنفلونزا الطيور طاعون العصر، لأنه تجاوز حدود عدد من الدول ليهدد العالم بأكمله منذرا بكارثة قد لا يحمد عقباها.

وأفاد المختصون أن أنفلونزا الطيور نوع من أنواع العدوى الفيروسية، التي تصيب وتنتشر بين الطيور وتعتبر الطيور البرية هي مصدر ومأوى هذا الفيروس وانتقاله، خاصة في فترات هجرة الطيور، حيث أنها تكون في بعض الأحيان حاملة له في أحشائها دون الإصابة به ولكنها تتسبب في انتقال الفيروس وتفشيه بين باقي الطيور وتؤدى إلى قتلها. ولم تكن فيما مضى تنقل عدواها إلى البشر وإنما كانت محصورة بين الطيور.

ولا يجري انتقال أنفلونزا الطيور عن طريق أكل الدجاج أو البيض، إذا جرى طهي لحومها جيدا، لأنه ثبت أن هذا الفيروس يمكن قتله إذا ما جرى طهي اللحوم و لحوم الدجاج أو البيض نضجا تاما وما قد يغفله البعض أن هذا الفيروس قد يعيش في اللحوم النيئة، والمنقول إلبها من الطيور المصابة.

مخاوف تفشي أنفلونزا الخنازير

وتزايدت المخاوف، أخيرا، من حدوث وباء أنفلونزا عالمي، مع الاشتباه في ظهور حالات جديدة من أنفلونزا الخنازير في جميع أنحاء العالم ووفاة أزيد من 80 شخصا في المكسيك، حيث لزم ملايين الأشخاص منازلهم لتجنب العدوى

وبالرغم من أن الوفيات حتى الآن كانت في المكسيك إلا أن الأنفلونزا بدأت تنتشر في الولايات المتحدة كما ظهرت حالات في أوروبا ونيوزيلندا.

وأكد رئيس بلدية نيويورك إصابة ثمانية من أطفال المدارس بفيروس أنفلونزا الخنازير لكنه قال إن الحالات متوسطة وإن الفيروس لا ينتقل سريعا على ما يبدو بين المواطنين.

وتأكد ظهور 11 حالة أخرى في كاليفورنيا وكنساس وتكساس. وتوقفت جميع أشكال الحياة في مكسيكو سيتي وهي واحدة من أكبر مدن العالم، الأحد الماضي، مع إغلاق المطاعم ودور السينما والكنائس أبوابها وبقاء ملايين من الأشخاص داخل منازلهم. وطلب ممن يذهبون للكنائس البقاء في المنزل ومتابعة قداس اليوم في التلفزيون فيما هجر بعض السكان العاصمة التي يقطنها نحو 20 مليون شخص.

وتتمثل أعراض أنفلونزا الخنازير في حمى مفاجئة وألم في العضلات والتهاب في الحلق وسعال جاف. ويعاني ضحايا السلالة الجديدة أيضا من حالات تقيؤ وإسهال أكثر من المصابين بالأنفلونزا العادية.

وتمثل السلالة الجديدة من الأنفلونزا، وهي خليط من فيروسات أنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور والأنفلونزا التي تصيب الإنسان، أكبر خطر لانتشار وباء عالمي على نطاق واسع منذ ظهرت أنفلونزا الطيور، التي تسببت في مقتل مئات الأشخاص.

من جنون البقر وأنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الحلوف

من جنون البقر وأنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الحلوف :: تعاليق

من جنون البقر وأنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الحلوف

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة