بأكثر الكتب مبيعا..
أمريكي يصحبنا في رحلة روحية نحو الشفاء
محيط – سميرة سليمان
|
| |
| غلاف الكتاب | | |
يطرح كتاب "السلام والحب والشفاء: الطريق إلى العلاج الذاتي" الذي يعد أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية رؤية ثورية مفادها أن بداخل كل منا القدرة على علاج وشفاء نفسه بنفسه.
يقول المؤلف الدكتور بيرني سيجل الذي يعد أحد أشهر أطباء الولايات المتحدة الأمريكية في كتابه " ارتفعت الدعوات إلى طب إنساني جديد يفيد من الإنجازات العلمية التقنية دون إهمال الجوانب الإنسانية الأخرى، وخاصة بعدما تأكد أن الاتجاهات العقلية والنفسية لها أهميتها وخطرها على الصحة والمرض". والكتاب ترجمة د.عزت شعلان.
المرض هو أكبر الهموم في حياتنا، ومن دواعي الصحة أن يتحرى الإنسان الغذاء الصحي الطيب والراحة اللازمة والبعد عن ضغوط الحياة قدر الإمكان، فإذا أصابه المرض كان عليه أن يأخذ بأسباب العلاج الحديث وأن يغلب عليه روح الأمل والتفاؤل والحب والصمود والصبر، بالإضافة إلى ذلك فإنه ليس كالإيمان سبيل إلى السكينة والاطمئنان، والنفس المطمئنة هي غاية ما يسعد به الإنسان، وهي التي تحميه من الإسراف في الأحزان وتساعده على مقاومة المرض والشفاء منه كما ثبت علمياً.
والواقع أن هذا هو محور كتاب "السلام والحب والشفاء" لقد أشار المؤلف إلى الإحصاءات الطبية في أكثر من موضع حول حالات تمّ شفاؤها بفعل إيمان المريض وإصراره على مقاومة مرضه.
فسيولوجيا المرح والتفاؤل
يقول المؤلف في بداية الفصل الأول: "التوازن يعتمد على الاتجاه العقلي للإنسان! إذا كان الإنسان رابط الجأش مبتهجا فسوف يزيد الصوديوم في الحاجز عنده، ولن يُقربه من موته أي مرض على الإطلاق، ولكن البوتاسيوم يغلبه على أمره حال ما يخسر قلبه وقد يطلب لنفسه كفنا كذلك..".
يروي د.سيجل قصة جون فلوريو المريض بسرطان المعدة الذي يعمل بستاني في تجميل الساحات أمام البيوت وقبل إجراء الجراحة له طلب من الطبيب تأجيل الجراحة قائلا "هذا أوان الربيع وإني بستاني أجمل الساحات كما أريد تجميل الدنيا، فإذا عشت كانت الحياة بركة عليّ وإلا غادرت الدنيا وهي جميلة".
وأجرى الجراحة بالفعل بعد الربيع، ووصفه الدكتور سيجل قائلا: لقد كان يعيش في سكينة شاملة، وتم شفاؤه بسرعة فخرج من المستشفى قبل موعده المقرر بزمان طويل. إن جون يتشاغل بالحياة فلا وقت لديه حتى يمرض، وذلك سره الحقيقي.
ومن القصص التي يرويها المؤلف أيضا وتدل على أهمية الأمل في الشفاء، الخطاب الذي نشرته مجلة الجمعية الطبية الأمريكية وبينت فيه صاحبته تأثير الأمل على والدتها عندما توقع الأطباء أن تعيش بضعة أسابيع فقط، وطلبت منها والدتها في ذلك الوقت أن تشتري لها حقيبة غالية للصيف وهي العاجزة عن الحياة حتى فصل الربيع فضلا عن الصيف.
تقول ابنتها: أحسست بالصدمة عندما أدركت أنها سألتني في النهاية عما إذا كنت أتصور بقاءها على قيد الحياة ستة أشهر أخرى وكانت في الواقع تعلن عن قدرتها على البقاء حتى ذلك الحين إذا آمنت بها، كما أنها لن تترك تلك الحقيبة الغالية دون استعمالها. لقد حدث ذلك منذ سنوات بعيدة، ثم بليت الحقيبة واختفت منذ زمن طويل، كما بليت ست حقائب أخرى على الأقل. وسوف تحتفل أمي الأسبوع القادم بعيد ميلادها الثالث والثمانين.
نظرتنا لأنفسنا
ليس الأمل وحده هو القادر على الشفاء بل الحب أيضا، حيث يهتم دافيد ماكيلاند أستاذ علم النفس والعلاقات الاجتماعية في جامعة هارفارد بالآثار العامة للحب بصفة خاصة وهو يقول: "إننا حاولنا الآن فهم الحب باعتباره أحد العوامل المؤثرة في جهاز الغدد".
يحكي الكتاب عن إيفي ماكدونالد وهي شابة أصابها مرض ضمور الأعصاب التيبسي عام 1980 وقال لها طبيب الأمراض العصبية: "يا إيفي إن الباقي من حياتك فترة تتراوح بين ستة أشهر وعام. وإذا كان لك أن تعملي صالحا فتبرعي بجسمك للبحث العلمي".
لكن ايفي قررت أن تكتشف معنى الحب دون قيد أو شرط قبل أن تموت، رغم انحلالها الجسمي وضمور عضلاتها وعن ذلك تقول: "كانت خطوتي الأولى أن ألاحظ أعداد الأفكار السلبية والايجابية التي تتعلق بجسمي ثم أسجلها يوميا. ثم رأيت الغلبة الهائلة للأفكار السلبية كما سجلتها، فاضطررت إلى مواجهة الكراهية الزائدة لجسمي.
كنت أتخير في كل يوم أحد البنود المكروهة حتى أتقبله مهما يكن بسيطا، ثم أعيد الكتابة عن هذا البند، لقد اختفت الكتابات القديمة والصور المزرية ولم تظهر مرة أخرى على الإطلاق وتقبلت جسمي على هيئته الراهنة، ثم " بدأ جسمي في رفع أنقاض الخراب الذي صبه المرض عليه. لقد تم الشفاء الجسمي لأن رسالتي على الأرض لم تكتمل".
من الأمور المهمة أيضا التي ينصح بها مؤلف الكتاب أن تعبر عن جميع مشاعرك، وهي تشمل المشاعر المحزنة، إن الغضب والقلق والخوف والاكتئاب والمشاعر الأخرى العديدة إنما تؤدي إلى المرض إذا ظلت دفينة في الداخل فقط، فلا نعبر عنها أو نتصرف فيها.
وقد نشرت جمعية المصابين بالإيدز في نيويورك كتابا عنوانه: "الحياة والنشاط بعد الإصابة بالإيدز – لمحات للمرضى الجدد" تأليف ستيفن جيمس فوضع قائمة تساعدك على المرض، وأخرى تزيدك مرضا وقائمة ثالثة تساعدك على تحقيق الصحة أو دوام الصحة، ومن قائمة الصحة نذكر:
انهض بالأعمال التي تكسبك شعورا بالإنجاز والابتهاج والهدف، التفت بالحب إلى نفسك وتعهد نفسك بالتغذية والدعم والتشجيع، تخلص من جميع العواطف السلبية كالنفور والحسد والحزن والخوف والغضب وعبّر عن عواطفك بطريقة مناسبة، اختزن الأهداف والتصورات الإيجابية في عقلك، وهي التصورات التي تريد تحقيقها حقا في حياتك، عليك بالإسهام الإيجابي في المجتمع بشئ من العمل أو الخدمات التي تقدرها وتستمتع بها، تقبل نفسك وتقبل كل شئ في حياتك واعتبره فرصة للتعلم والنمو وكن شاكرا للجميل وسامح نفسك إذا أخطأت وتعلم ما استطعت من التجربة وتقدم إلى الأمام، وحافظ على روح الفكاهة.
الاسترخاء والشفاء
لقد آمنت منذ فترة طويلة بقدرة الناس على سماع الكلمات المفهومة إذا كانوا في غيبوبة أو نوم تحت التخدير، وذلك بناء على خبراتي مع المرضى وهم في حالة الإغماء. وإني أفترض دائما أن كل ما يقال لهم يستطيع التأثير فيهم. إن السمع هو آخر ما يختفي من الحواس عند فقدان الوعي.
ويضيف المؤلف: أخبرتني ممرضة للعمليات في اجتماع قريب أنها كانت ذات مرة تشارك في جراحة طارئة لترقيع انفجار في شريان الأورطي، واستمر المريض في النزيف وطلبت من الأطباء التحدث إلى المريض وطلب مساعدته فأذنوا لها فأنبأت المريض بالموقف وطلبت إليه أن يساعد على إيقاف النزيف وقد "توقف النزيف في خلال ثلاث أو خمس دقائق، وتحسن المريض بصورة طيبة بعد العملية".
وهناك وسائل كثيرة للتواصل مع النفس الداخلية. إن الكلمات والموسيقى والمشاعر والاسترخاء المتزايد والتأمل وحالة الجذب في التنويم المغناطيسي والتصورات والصلاة كلها تعينك على اكتشاف سبيلك إلى المأوى والتأمل.
بين الطبيب والمريض
يقول مؤلف الكتاب : لدينا نحن الأطباء فرصة لتقديم عمل إنساني إلى كل مريض نراه. ويأتي إلينا بعض الناس طافحين بالألم الشديد وكراهية الذات نتيجة للنداءات السلبية في حياتهم حتى يتوقعوا أن يحل عليهم الأذى والعقاب، بل هم يرغبون في ذلك، ولكننا قادرون على مساعدة المرضى حتى يحبوا أنفسهم من خلال حبنا لهم.
ويضيف د.سيجل: على مكتبي خطاب من إحدى المريضات جاءتني تطلب المشورة والرعاية الطبية أيضا. وقد كتبت خطابها بعد اختفاء إصابتها بسرطان المبيض، وذلك استجابة للبرنامج الذي اتبعته من الأمل والتأمل والتصور والتنويم الذاتي وقالت: "لقد أنقذت حياتي وأثريتها وعلمتني الحب".
إني أوصي جميع الأطباء الذين يشعرون باليأس عند عجزهم عن العلاج أن يذهبوا أيضا إلى أشد مرضاهم مرضا، واجلس عندئذ هناك نصف ساعة، وأنا أضمن لك أن مرضاك سوف يمنحونك الشفاء بشجاعتهم وقوتهم أثناء انتظارك. إنهم لا يطلبون منك الشفاء حقا، بل تشفيهم رعايتك لهم.
المرض باعتباره عقابا
بعض المرضى يعتبرون مرضهم عقابا على ذنوب ارتكبوها، والواقع أنه لا أساس صحيح لهذا الشعور، ويحكي كارل ميننجر في كتابه "التوازن الحيوي" مثلا يوضح هذا فقد قتل أحد الناس ولده ثم عانى حينذاك من الانهيار العصبي، وعندما فقد الرجل ذراعه عند إصابته في حادث بعد ذلك عادت إليه الصحة العاطفية مرة أخرى، لأنه أحس بالتكفير عن فعلته بابنه.
لقد استطاعت إحدى السيدات أثناء العلاج الكيماوي والإشعاعي أن تجد وقتا للكتابة إلىّ وقالت: "إني اعتبر سرطاني نعمة كبيرة لأننا تعلمنا منه الكثير جدا عن توجيه حياتنا، والتعبير عن مشاعرنا فيما بيننا، وكيفية التخلص من النفاية في حياتنا وزيادة رضائنا عنها".
ويؤكد المؤلف: لعل شعورك بالهدف يصنع الأعاجيب لصحتك، سواء كان الهدف سياسيا أم شخصيا. وأتذكر قصة روتها إليزابث كوبلر روس عن سيدة شديدة المرض في المستشفى، ورجت أطباءها أن يساعدوها على إطالة حياتها فترة كافية حتى تحضر حفل زفاف ابنها. وقالت أنها لن تبالي بالموت بعد ذهابها إلى الزفاف وحسب، ولذلك حقنوها بالسوائل المغذية حتى تتحسن صحتها وفي يوم الزفاف تزينت وبدت في أجمل صورة ثم توجهت إلى حفل الزفاف، ولما عادت إلى المستشفى توقع الجميع أن تترنح في القاعة وتتمدد لتموت، ولكنها بدلا من ذلك رجعت إلى القاعة ثم قالت "لا تنسوا أن لي ولدا آخر".
الحياة والخلود
" إذا سألنا أنفسنا بأمانة عن أعظم الناس معنى في حياتنا فالأغلب أن نجدهم بين أولئك الذين اختاروا مشاركتنا في آلامنا، إن الصديق القادر على مشاركتنا في الصمت أثناء لحظة اليأس والاضطراب، والقادر على البقاء إلى جوارنا ساعة الحزن والحداد، والقادر على تحمل الجهل وانعدام العلاج والشفاء، فذلك هو الصديق الذي يقدم الرعاية إلينا".
يختتم المؤلف كتابه بالحديث عن المرضى المشرفين على الموت نتيجة لمرض عضال ألم بهم وعن ذلك يقول د.سيجل: إن أسوأ النتائج ألا نعيش، ولعل الموت شفاء في خاتمة حياة مليئة خصبة لدى الإنسان المتألم المتعب الذي يحتاج إلى الراحة. والأهم أن إدراكنا لموتنا في النهاية هو الذي يعطي كل يوم من حياتنا ما فيه من المعنى والجمال.
ولعل موت الطفل أشق أنواع الموت قبولا. إلا أن الأطفال قادرون على تحقيق الكثير في حياتهم القصيرة. وهم قادرون على الخلود كالذين عاشوا أضعاف حياتهم، وذلك بما يخلفون وراءهم من الحب.
وفي رواية سارويان وعنوانها "الكوميديا الإنسانية" يحزن البطل الشاب على أخيه ماركوس الذي مات في الحرب، ويشعر هوميروس باختلاف الدنيا كلها لموت ماركوس ولكن أحد أصدقائه يقدم إليه نصيحة طيبة وقال سبانجلر: سأحاول تهدئتك وإني أعرف عجزي، وإنما حاول أن تتذكر أن الإنسان اطيب لا يموت أبدا. وسوف تراه مرات عديدة، فستراه في الشوارع وستراه في البيوت وجميع الأماكن في المدينة، في مزارع الكروم وبين أزهار الأوركيد، وفي الأنهار والسحاب، ها هنا في جميع الأشياء في عالمنا الذي نعيش فيه. وسوف تشعر بالإنسان الطيب في الدنيا نتيجة للحب وفي سبيل الحب، وفي الأشياء الشائعة والأشياء النامية جميعا. وقد يرحل الإنسان بجسمه أو يختاره الله إلى جواره، ولكن أفضل ما فيه يبقى وهو يبقى إلى الأبد. إن الحب خالد وهو يُخلد الأشياء جميعا".