أشرف أبوجلالة من القاهرة: جاء إعلان عملاقة محركات البحث الأميركية غوغل يوم أمس عن انتهائها من وضع نظام تشغيل جديد خاص بها للكمبيوتر، بعد أن تم تصميمه بشكل مبدئي لأجهزة الكمبيوتر الصغيرة نوتبوك، وأطلقت عليه الشركة اسم كروم أو.إس حيث يقوم على برنامج متصفح الإنترنت الذي أطلقته الشركة قبل تسعة أشهر ويحمل الاسم نفسه، جاء ليثير من حوله زوبعة كبرى وردود أفعال متفاوتة على كافة الأصعدة داخل الأوساط التكنولوجية حول العالم. فبادئ ذي بدء، تم النظر إلى المنتج على أنه سيزيد من الضغوط المفروضة على مايكروسوفت المهيمنة على سوق أنظمة التشغيل ونظامها ويندوز. وهو المعنى نفسه الذي أكدته صحيفة التايمز البريطانية عبر تقرير خصصته لتحليل المنتج الجديد من منظور سياسة التطوير التنافسية المحتدمة بين العملاقتين غوغل ومايكروسوفت في كافة المناحي التكنولوجية.
فيرى بيل طومبسون، الكاتب المتخصص في الشؤون التكنولوجية، من خلال مقال للرأي خص َّ به الصحيفة للحديث عن منتج غوغل الجديد، أن الخطط التي تعتزم مايكروسوفت تفعيلها لطرح نظام تشغيلها الجديد والذي طال انتظاره، ويندوز 7. وقال طومبسون في البداية إنه وبعد مرور ثلاثين عاما على مغازلة شركة خدمات الحاسوب الأميركية "نتسكيب" لفكرة تحويل متصفحها الناجح "نتسكيب نافيجيتور" إلى نظام تشغيل كامل، عرضت غوغل على مستخدميها فرصة التخلص من تراخيص نُسخ الويندوز الخاصة بهم من خلال هذا النظام الجديد الذي سيستخدم مستقبلاً على الحواسيب المكتبية. ويشير طومبسون أيضاً إلى أن نظام غوغل الجديد سوف يكون بديلا ً واقعيا ً ومنخفض التكاليف لأنظمة التشغيل الخاصة بمايكروسوفت.
وتابع الكاتب حديثه بالقول :" سوف يروق النظام للمستخدمين في المنازل، ويرجع ذلك من ناحية إلى انه لن يكون هناك تطبيقات مركبة بغرض مواكبة التطورات، ومن جهة أخرى لأن غوغل تزعم أن منتجها الجديد هذا لن يكون عرضة للفيروسات أو غيرها من البرمجيات الخبيثة. كما أنه سيتميز بسرعة تشغيل فائقة عند فتح جهاز الكمبيوتر، وسوف يتواصل عن قرب مع الخدمات الخاصة بغوغل على الإنترنت، ومن بينها الجي ميل وكاليندر. وسيُسهل أيضا ً هذا النظام الجديد من إمكانية استخدام التطبيقات التي تتاح على الشبكة العنكبوتية بدلا ً من الاضطرار إلى شراء تراخيص لبرنامج الأوفيس وغيره من المنتجات الخاصة بمايكروسوفت. ويمكنني أن أجزم بأن نظام التشغيل الجديد هذا لن يشبه أي أنظمة تشغيل أخرى. فضلا ً عن أن غوغل قامت بتصميمه ليكون نظام دعم للمتصفحات، أكثر من كونه نظام تشغيل للحواسيب".
ويرى طومبسون في النهاية أن نظام كروم أو.إس سيكون من شأنه أن يثير بالطبع قلق مسؤولي مايكروسوفت، وذلك نظرا ً لأنها تعول الكثير والكثير على نظام "ويندوز 7 " الذي تستعد لإطلاقه خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل لأنها تأمل في أن يساعدها على استعادة ثقة المستخدمين الذي عانوا كثيراً من المشكلات التي صادفوها مع نسخة فيستا، آخر إصدار لأنظمة التشغيل التي قامت مايكروسوفت بطرحها أمام المستخدمين.
في حين يرى خبير الصناعات التكنولوجية "جون دفوراك" من موقع ماركت واتش دوت كوم الذي يتبع مجموعة داو جونز، أن المتابع الجيد لقطاع الأعمال التكنولوجية اليوم يدرك أن تدشين مايكروسوفت مؤخراً لمحرك بحثها الجديد – بينغ – وإعلان غوغل في الوقت ذاته عن قرب انتهائها من نظام التشغيل الجديد كروم أو.إس، لم يكن بالحدث العرضي ولم يأت الأمر مصادفة ً، وأكد أن تلك التحركات تتم ضمن خطط عمل إستراتيجية يتم الإعداد والتخطيط لها سلفا ً. فمنذ متى وغوغل تقوم بالإعلان عن أي من منتجاتها قبل طرحها بكل هذه المدة الطويلة، حيث تخطط لطرح نظام التشغيل الجديد هذا في النصف الثاني من عام 2010 ؟؟ - كل هذا يدعوك للتساؤل والتفكير في أن المنافسة بين الشركتين تسير وفقا ً لخطط إستراتيجية منظمة.
وفي جزئية مهمة أخرى، يشير دفوراك إلى أن إقدام غوغل على اتخاذ تلك الخطوة جاء في إطار ما يمكن وصفه بالسياسة التأديبية أو الجزائية التي ارتأت أن عليها أن تمارسها ضد مايكروسوفت التي تجاوزت نطاق أعمالها – بحسب وجهة نظر الأولى - عندما اقتحمت مجال محركات البحث الذي لا يمت بصلة لطبيعة عملها في الشأن التكنولوجي. كما سعت غوغل من وراء الإعلان عن نظام تشغيلها الجديد هذا أن توصل رسالة ذات مغزى كبير لمايكروسوفت تُفيد بأن بمقدورها هي الأخرى أن تقتحم مجال العمل الخاص بها.