انتخابات 18 يوليوهل تضع نهاية لانقلابات موريتانيا

انتخابات 18 يوليو
هل تضع نهاية لانقلابات موريتانيا؟!

محيط ـ هبة عسكر

تشهد الساحة السياسية الموريتانية حالة من الترقب الشديد انتظارا لما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية المزمع أجراؤها يوم 18 يوليو الحالي والتي من شانها ان تضع حدا للأزمة الناجمة عن انقلاب 6 اغسطس وفق ما حدده اتفاق "دكار" بين أطراف الأزمة السياسية الموريتانية.

ويصف الخبراء هذه الانتخابات بانها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ موريتانيا السياسي حتى الآن، نظرا لظروف هذه الانتخابات دستوريا وسياسيا في ظل الأزمة الغير مسبوقة في تاريخ الصراع بين الأطراف الداخلية الموريتانية.

وقد انطلقت حملة الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، الخميس الماضي، بمشاركة 10 مرشحين أبرزهم ولد عبدالعزيز الرئيس السابق للمجلس العسكري الحاكم منذ انقلاب السادس من اغسطس/آب وشخصيات معارضة.

مزيد من الصراع

وحول هذه الانتخابات يري الدكتور سامي السيد "أستاذ العلوم السياسية" أن الدلائل تنذر بحدوث مزيد من الصراع داخل موريتانيا حتي بعد استقالة الرئيس المخلوع ولد الشيخ وبدء تشكيل حكومة انتقالية ، مشيرا إلي أن الأزمة اكبر من أن يحلها اتفاق "داكار" أو الانتخابات المقبلة ، حيث لم يستبعد وجود أيدي خفية في إشعال الموقف بين أطراف الأزمة.

وأضاف أن الانتخابات المقبلة لن تسفر عن جديد يطرأ على الوضع الموريتاني فالتقديرات والتوقعات تشير كلها إلى فوز ساحق سيتحقق لولد عبد العزيز وهزيمة ساحقة ستمنى بها المعارضة بكافة أطيافها، لافتا إلي أن النظام الموريتاني سيقع بين فكي رحى خاصة أن ثمة ضغوط أخرى يتعرض لها ولد عبد العزيز نتيجة موقفه الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني دون قناعة سياسية حقيقية بقدر ما جاء محاولة لكسب التأييد والدعم الشعبي المفقودين ، حيث كان قائد الحرس الخاص للرئيس الأسبق ولد الطايع الذي أقام هذه العلاقات مع الاحتلال الصهيوني.

وضع مثير

بدوره، أكد الكاتب التونسي توفيق المدني أن الوضع فى موريتانيا مثير للدهشة خاصة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع عام 2005 ، منوها الى كثرة الانقلابات في موريتانيا حتى تناوب على الرئاسة خلال أقل من أربع سنوات فقط ثلاثة رؤساء اثنين منهما جاءا عبر الانقلابات العسكرية وواحد فقط جاء بالإرادة الشعبية وهو الرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله الذي فاز بالجولة النهائية من الانتخابات الرئيسية في 19 أبريل عام 2007 ليكون بذلك أول رئيس مدني في موريتانيا.

وأشار إلى أنه لم يمر ستة عشر شهرا على ولاية أول رئيس منتخب في البلاد حتى وقع انقلاب جديد في أغسطس عام 2008 والذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي كان حليفا وداعما قويا للرئيس ولد الشيخ لوصوله إلى سدة الحكم وهو ما أقره ولد الشيخ نفسه في العديد من المرات عبر تصريحاته الإعلامية وكافأه عليه بترقيته إلى رتبة جنرال وهي أعلى رتبة في الجيش الموريتاني وبعد أقل من ثمانية أشهر يعلن قائد المجلس العسكري ورئيس البلاد الجنرال ولد عبد العزيز استقالته من منصبه تمهيدا لخوضه الانتخابات الرئاسية.

وتوقع بأن تشهد الساحة الموريتانية مزيدا من الصراع خلال الفترة المقبلة ، والذي بدا منذ الاطاحة بالرئيس ولد الشيخ ، موضحا ان الوضع الآن أكبر من أن تحله الانتخابات المقبلة.

هجوم عنيف

ويتنافس عشرة مرشحين على هذه الانتخابات الرئاسية فى موريتانيا أبرزهم الجنرال محمد ولد عبدالعزيز الذي شن هجوماً عنيفاً على أهم منافسيه "زعيم المعارضة أحمد ولد داداه ورئيس البرلمان مسعود ولد بلخير" ، حيث اتهم ولد عبدالعزيز أثناء تجمع انتخابي بمدينة "ألاك" وسط البلاد قطبي المعارضة بالفساد.

ووعد عبد العزيز لدى إطلاق حملته رسمياً بـ"إنهاء الفوضى وكل الهزات التي أدت الى تركيع موريتانيا بعد عقود من حكم المجرمين".

على الجانب الأخر رفعت المعارضة شعار "مقاومة الانقلابيين"، وشدد ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية ومرشح الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية على "وجوب ألا يقبل الموريتانيون بعد اليوم بالانحناء"، مؤكدا أن ترشيحه "يشكل تحولاً تاريخياً نحو تحقيق الاهداف" التي عمل من أجلها بصفته زعيم حركة مناهضة العبودية ومن قومية الحراطين (العبيد سابقاً).

أما ولد داده زعيم حزب تكتل القوى الديمقراطية، أبرز أحزاب المعارضة، الذي التف حوله خلال الايام الفائتة العديد من الحركات والمجموعات السياسية فقد تعهد بـ"تغيير حقيقي" وبتحقيق التقدم والازدهار للبلاد.

محمد ولد عبد العزيز

من ناحيته "طمأن" الرئيس السابق للبلاد (2005-2007)، ولد أعل محمد فال، الذي تولى السلطة إثر انقلاب عسكري في 2005، الموريتانيين الى أنهم "يعرفونه ويعرفون قدراته الشخصية ومشاريعه التنموية لما فيه خير الجميع"، مشددا على أن فوزه يعد "انتصاراً للبلاد على مخاطر الاضطراب السياسي".

اما الستة الآخرين فهم رئيس حزب تواصل الاسلامي جميل ولد منصور، وقائد محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في 8 يونيو/حزيران 2003 صالح ولد حنن، والوجه السياسي الجديد حمادي ولد اميمو وهو موظف إداري من جنوب شرق البلاد، ورئيس الوزراء السابق اسغير ولد أمبارك، وزعيم حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية إبراهيم مختار صار ونائب رئيس الجمعية الوطنية كان حامد بابا، المنشق عن حزب تكتل القوى الديمقراطية.

اتفاق داكار

الجدير بالذكر أن الأطراف السياسية المتصارعة في موريتانيا نجحت في إنهاء حالة التأزم السياسي الذي سيطر على البلاد منذ انقلاب السادس من أغسطس 2008 بتوقيع اتفاق "داكار".

وحسمت وثيقة الحل في تاريخ الانتخابات الرئاسية المجمع عليها بـ18 من يوليو القادم وتحدثت عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى شخصية مستقلة متوافق عليها قيادة وزارتها الأولى؛ فيما يتم توزيع بقية المناصب الوزارية أثلاثا بين أطراف الأزمة بالتساوي على أن تكون وزارتا الداخلية والاتصال من النصيب المخصص للقوى المناوئة وهو ماحدث.

وحددت الوثيقة مهمة حكومة التوافق بتسيير الشؤون الجارية والإشراف على الانتخابات الرئاسية المقررة في أقرب الآجال.

وتحصر الوثيقة مهمات المجلس الأعلى للدولة في تسيير شؤون الأمن والقوات المسلحة تحت سلطة الحكومة الانتقالية التوافقية.

وتلزم وثيقة التوافق بمراجعة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بحيث تتولى رئاستها شخصية مستقلة يتم التوافق عليها؛ فيما يتم تقاسم بقية المناصب فيها مساواة بين أطراف الأزمة الثلاثة.

نجاح سنغالي

يعتبر اتفاق داكار بين فرقاء الأزمة السياسية الموريتانية نجاحا كبيرا للدبلوماسية السنغالية ،فقد بذلت جهودا جبارة في هذا الاتجاه؛ حيث قام وزير الخارجية السنغالي بزيارات مكوكية لنواكشوط التقى خلالها عدة مرات بالقادة السياسيين في أطراف الأزمة بعد أن آلت الجهود التي قادتها ليبيا إلى فشل ذريع.

كما قام الرئيس السنغالي عبد الله واد بزيارة هي الوحيدة التي وصل فيها رئيس جمهورية إفريقي إلى موريتانيا منذ انقلاب السادس من أغسطس 2008 بغرض الاطلاع على وجهات نظر الأطراف الموريتانية المتصارعة.

وقد مكنت زيارات الرئيس واد ووزير خارجيته من بلورة رؤية للحل تمت صياغتها في وثيقة عرضت على أطراف الأزمة وحشد لها التأييد الأوربي والعربي والأممي، حتى تمكنت من الخروج بحل الأزمة .

ارتياح دولي

واعتبر الليبي محمد المدني الأزهري الناطق باسم رئيس الاتحاد الأفريقي معمر القذافي أن "الفوز في 18 تموز/يوليو، سيكون فوزا لشعب موريتانيا الحر، مؤكدا على الوقوف بجانب هذا الشعب ورئيسه المقبل.

من جهة أخرى، أعربت الجزائر أمس عن "ارتياحها" لاتفاق المعارضة والانقلابيين في موريتانيا ، حيث أشادت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان بهذا الإنجاز الكبير للحوار السياسي الذي جمع كل الفاعلين السياسيين الموريتانيين، وحدد طرق ووسائل الخروج من الأزمة بالعودة السريعة إلى النظام الدستوري.

انتخابات 18 يوليوهل تضع نهاية لانقلابات موريتانيا

انتخابات 18 يوليوهل تضع نهاية لانقلابات موريتانيا :: تعاليق

انتخابات 18 يوليوهل تضع نهاية لانقلابات موريتانيا

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة