|
| |
| ابراهيم عبدالمجيد | | |
محيط – شيرين صبحي
نظمت مكتبة بدرخان حفل توقيع للكاتب إبراهيم عبد المجيد بمناسبة صدور روايته الجديدة "فى كل أسبوع يوم جمعة"، والتي تتناول العالم الافتراضى، وتدور أحداثها على أحد مواقع الإنترنت الذى تشترط صاحبته قبول الأعضاء الجدد يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، ويتوالى دخول الأعضاء الذين يبحثون عن موقع للصحبة أو البوح فيحكى كل منهم حكايته.. ولكننا نكتشف في النهاية أن هذه السيدة لديها هدف آخر قاس جدا يظهر في الرواية.
في بداية الندوة قال الناقد د. هشام عيسى أنه تعرف على الكاتب إبراهيم عبد المجيد من خلال أدبه، ومن العلامات الكبيرة في تاريخه رواية "لا أحد ينام في الأسكندرية"، وقال " لقد دهشت لأني عشت هذه الأجواء أثناء الحرب العالمية بتأثيرها، ورغم أنه لم يعش هذه الأجواء لكنه أجاد وصفها فسألته كيف كتب قال أنه ظل ست سنوات في دار الكتب ليعيش هذه الأجواء، فاحترمته".
الأديب فؤاد قنديل قال أن كتابة إبراهيم عبد المجيد على مدى يتجاوز 30 عاما استدرجت إليها آلاف القراء، وهو حريص في كل عمل أن يقدم لقطة إنسانية غاية في الرهافة، فهو محب للبشر جدا ويعذرهم ويقدر أن وراء المواقف الإنسانية حتى المأزومة.
وأضاف أن عبد المجيد يلعب في المنطقة الوسط بين الواقع والفانتازيا، ويغوص في هذه المنطقة، فيحلق تدريجيا من الواقع إلى الفانتازيا حيث محاولة نقل الواقع بقتامته إلى عالم من الآفاق والأحلام، موضحا أن الواقع ليس واقعا دائما بل في كثير من حالاته عبثي ولا معقول.
إنه روائي من نوع خاص يظل له طعمه الخاص وتفرده ولغته البسيطة دون استعلاء أو استعراض.. وهو غير مشغول بتغيير العالم رغم أنه في الحقيقة يفعل مثل كل الكتاب.
المبدع إبراهيم عبد المجيد والحائز على جائزة الدولة في الآداب العام الماضي أوضح أنه في تاريخ الأدب مئات الروايات عن المدن والقرى، ومنذ سنوات بعيدة ونحن نعيش في عالمين أحدهما حقيقي والأخر افتراضي، وهذا العالم مضمون اكثر من العالم الحقيقي، ويتسم بالأمان والخيال وكذلك الكثير من الأكاذيب، والأكاذيب مطلوبة في الفن وليس في الحياة.
وأضاف: كتبت كثيرا عن الأرض وقررت أن أكتب عن السماء من خلال هذا الفضاء الافتراضي، فدخلت على الانترنت وتساءلت : هل استطيع أن اهرب من الأرض حقا أم ستطاردني الحياة حتى في السماء!، معلقا "لكنني وجدت أن قضايا الأرض انتقلت إلى الفضاء".
وأكد عبد المجيد أن هناك الكثيرين الذين يجدون عزاءا في الحديث عبر النت "الشات"، وكانت المرة الأولى في رواياتي التي أعمل بها حوار كامل باللهجة العامية كما يتحدث بها المستخدمون.
ونقرأ هذا الفصل من الرواية:
|
| |
| عبدالمجيد وإلى يمينه الروائي فؤاد قنديل | | |
اكتشف «الجروب» عدد من مستخدمي «الانترنت». الكثير منهم لم تعجبه فكرة قبول الأعضاء يوم الجمعة فقط. لماذا الجمعة وهو يوم للعبادة؟ لماذا الجمعة وهو عادة اليوم الذي تكون البيوت مقلوبة وفوضى؟
هو اليوم الذي اعتادت فيه الزوجات ترتيب البيت وتنظيفه من جديد. وإذا كان ذلك لأنه يوم إجازة فلا يزال في البلاد من يأخذ إجازته الأحد، خصوصاً من أصحاب المحلات، وهناك أيضاً من يأخذ إجازته الاثنين كالحلاقين والمصوراتية.
صاحبة «الجروب» إذن غير جادة وهناك أيضاً من ضايقه أن لا ينضم أحد إلى «الجروب» من خارج البلاد. يمكن أن يسري ذلك على الدول العربية، إذا اعتبرنا النساء في مصر أجمل. لكن هل هناك شك في جمال نساء لبنان أو المغرب؟ والرجال من الخليج يفتحون باب العمل، بعد التعارف، لبعض أعضاء «الجروب». الأمر نفسه ينطبق على نساء أوروبا وأميركا، وإن لم يتزوج منهن أحد أعضاء «الجروب» فهن على الأقل أكثر جرأة، يمكن أن يرسلن صوراً وتحتها كلمات مبهجة من نوع have a nice day أو حتى حرف O، أو شفتين مضمومتين وتحتهما كلمات من نوع take a kiss في أبسط الأحوال.
ثم أن هناك الآن عدداً كبيراً من جيل الشباب الأرستقراط يفضل أن يتحدث أو يكتب بالإنكليزية فقط، ولن يجدوا الفرصة لذلك إلا مع نساء أو رجال أجانب. هذا الموقع سيفشل. هكذا رأى الكثيرون ببساطة وقالوا يوم الجمعة فقط أمر غريب وربما مريب؟ تستطيع صاحبة الموقع أن تمد يدها في أي يوم وأي وقت وتضغط على «كونفيرم» وتنتهي القصة. هذا كسل غير مفهوم، وتحكم غير مبرر، والحكاية مش ناقصة تحكم. كفاية التحكم اللي احنا فيه! لكن هناك من وافق، وبرغبة حقيقية وأرسلوا بياناتهم وما كتبوه وانتظروا يوم الجمعة.
الاسم: خميس جمعة. تاريخ الميلاد: 1/1/1955. محل الميلاد: القاهرة. الديانة: مسلم. التعليم: دبلوم تجارة. العمل: سائق. النشاط: ....... الايميل: Khamees gomaa @yahoo.com
«ابني أغراني أن يكون لي ايميل، على رغم أنني لا أعرف أحداً يمكن أن يراسلني. قلت له ذلك وأنا أضحك، قال ستجد من يراسلك. وكان هو أيضاً يضحك. دفعت مكافأتي بعد المعاش المبكر من الحكومة وتحويشة عمري وثمن ذهب زوجتي مقدمة لثمن ميكروباص. أنا كنت مدير مالية صغير في فرع صغير في وزارة المال. طول عمري وأنا موظف الصبح وسواق تاكسي بعد الظهر. لم أمتلك تاكسي أبداً. الآن والحمدلله أمتلك الميكروباص. هل أنا مبسوط؟ لا. ابني الذي أقنعني بالايميل سافر إلى السعودية. قال لي إن الايميل أسرع وأسهل وأرخص طريقة للمراسلة. لكن منذ سافر لا يرسل لي شيئاً، ولا يرد على رسائلي ولم يشيت معي ولو مرة. كلمنا مرة بالتلفون بعد سفره وقال إنه سعيد.
- طيب هل ده رقم تلفونك؟
- لا لا دا سنترال.
- طيب ادينا رقم موبايلك.
- حاضر مش معايا دلوقت ومش حافضه.
أمه أنهت المكالمة قائلة له:
- يا بني نفسي ما دام ربنا فتح عليك تبعت لنا نحج أنا وأبوك.
- إن شاء الله.
وكلمنا مرة تانية بعد ثلاثة أشهر.
- دا تلفونك؟
- لا دا سنترال.
- طب ادينا رقم موبايلك.
- مش حافضه والله يا بابا.
ثم طلب يسمع صوت أمه وقال:
- يا ماما أنا سألت واحد شيخ هنا قالي إن ممكن أحج ليكي ولبابا ولأي حد خليكم انتوا مرتاحين في مصر وأنا بس ادوني فرصة أحج أنا الأول علشان حجتكم تبقي مقبولة. دانا كمان حاحج لأخويا الكبير لأنه عيان أوي زي مانتي عارفة. ولو عايزني أحج لمراته ححج. متتعبوش نفسكم.
بعدها لم يتكلم معنا مرة أخرى. كذلك أخته، التوأم، التي تزوجت أخيراً والحمدلله. من ابن خالتها الذي يعمل في شركة أغذية في دبي. هي أيضاً لا تراسلنا ولا تكلمنا منذ سافرت قبل أشهر. كل يوم أفتح الايميل فأجد رسائل كثيرة جداً باللغة الإنكليزية التي لا أعرفها. لكن من كلمات قليلة ما زلت احتفظ بها مما تعلمته زمان في المدرسة، أفهم أنها كلها رسائل من شركات سياحية أو شركات أغذية أو أدوية والأفضل أن أمسحها. «أدلتها» يعني. كلمة «ديليت» سهلة. لم أكن في حاجة أن أعرفها من أحد أو أبحث عنها في قاموس. فهمت معناها من قبل من حديث فتاة عصبية كانت تركب معي الميكروباص آخر الليل."