دراسة: الخليجيون قلصوا نفقاتهم والمقيمون مستمرون بالصرف
عواصم: بالرغم من الركود الاقتصادي الذي تشهده المنطقة متأثر بالأزمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم ، استطاع المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي الحفاظ على مستويات الإنفاق التي كانت سائدة قبل مرحلة الركود. وأظهر استطلاع جديد أجرته بوز أند كومباني للمستهلكين في السعودية والإمارات أن هؤلاء لم يتأثروا نسبياً بالتوقعات الاقتصادية للمنطقة، حيث خفض 28% فقط من المستهلكين في الإمارات والمملكة مستويات إنفاقهم خلال الأشهر الستة الماضية، فيما عمد 26% منهم إلى زيادة نفقاتهم.
وأضاف التقرير الذي أوردت صحيفة "القبس" الكويتية أجزاء منه أن شعور المستهلكين بالثقة ساهم إلى جانب مستويات الإنفاق في التخفيف من وطأة الركود الاقتصادي في دول مجلس التعاون مقارنة مع مناطق أخرى، حيث وأفاد بعض المستهلكين بأنهم خفضوا نشاطات التسوّق، حيث باتوا يشترون مزيداً من الأصناف المخفضة الأسعار، ويخفّفون من شراء وسائل الترف أو المواد الأخرى الباهظة.
وفي هذا الإطار، يقول غابريال شاهين، وهو شريك في بوز أند كومباني، إن "ظاهرة خفض الإنفاق ليست سائدة على نطاق واسع، فهي تتركّز ضمن شريحة محدودة نسبياً من السكان، مما يحمل على الاعتقاد أنّ بعض المستهلكين مقتنعون بأن اقتصاداتهم المحلية قادرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية بالرغم من التطورات العالمية السلبية".
وأشار ربع المستهلكين تقريباً في الإمارات والمملكة إلى أنّ مستوى إنفاقهم اليوم بات أقل مما كان عليه قبل ستة أشهر؛ ففي الإمارات، حافظ 55% من المستهلكين على مستويات إنفاق ثابتة منذ بداية الأزمة، وعمد 37% إلى خفض إنفاقهم، فيما ازداد الإنفاق لدى 9%. أما في المملكة العربية السعودية، فيتمتّع المستهلكون بقدرة إنفاق أقل تأثراً بالأوضاع الاقتصادية، حيث حافظ 36% منهم على مستويات إنفاقهم، وعمد 20% إلى تقليص نفقاتهم، فيما زاد الإنفاق لدى 43%. ولا يعني ارتفاع مستوى الإنفاق في البلدين زيادة الإنفاق على وسائل الترف، إنما هو ناجم عن احتياجات المستهلكين المتزايدة وارتفاع مستوى التضخم.
وقد عبّر 59% من المستهلكين في الإمارات و46% من نظرائهم في المملكة عن مخاوفهم حيال الوضع الاقتصادي الراهن؛ وهذه نسبة أقل بكثير من النسب المسجلة في بلدان أخرى.
ويقول شاهين انه "يمكن تفسير هذه الظاهرة بثقة المستهلكين بالحكومة كمصدر دائم للتوظيف. فمستويات الدين المتدنية في المملكة يمكن أيضا أن تمنح المستهلكين ثقة أكبر بالوضع الاقتصادي في بلدهم".
وتسجل العمالة الأجنبية في دولة الإمارات نسبة أعلى من نسبة العمالة الوافدة في المملكة العربية السعودية، ما قد يساهم في اختلاف مستويات إنفاق المستهلكين بين الدولتين. ويفيد الوافدون، وخصوصا القادمين من آسيا، بأنهم عمدوا الى خفض انفاقهم بشكل كبير مقارنة مع العمال القادمين من أماكن أخرى، حيث استمر العمال الغربيون في الانفاق: فالمعنيون بالشأن الاقتصادي خفضوا مدخراتهم بشكل عام بدلا من تقليص إنفاقهم. ومن الآن وصاعدا، قد تؤثر اعادة العمال الأجانب الى بلدانهم الأم في الاستهلاك العام في المنطقة.
وفي معرض تعليقه على هذه المسألة، قال شاهين: "هذا الاستطلاع هو مقياس للركود الاقتصادي في مرحلته المتوسطة، لكنه في الوقت نفسه لا يقدم أي توقعات في هذا المجال، وفي حال تفاقمت الأزمة المالية، يمكن أن يتأثر المستهلكون في دول مجلس التعاون بشكل عميق، وبالتالي قد يضطرون الى تقليص نفقاتهم".
وبحسب سرعة التعافي من الأزمة المالية، يمكن أن يشير مستوى ثقة المستهلكين في المنطقة الى توقعات جيدة للانفاق في المستقبل. فضلا عن ذلك، يحتمل أن يؤدي الطلب غير الظاهر على المواد الاستهلاكية الى نهوض اقتصادي – وفرص جاذبة للمسوقين – حين تبدأ اقتصادات العالم بالتعافي.
وعلى صعيد متصل أظهرت دراسة أجراها أخيراً Bayt.com، أن نسبة 33% من سكان الكويت خفضوا إنفاقهم الأسري في ظروف الضائقة الاقتصادية الحالية.
وأشارت الدراسة ،التي أوردتها الصحيفة ذاتها ،إلى أن 30% من أصحاب المهن في بقية دول منطقة الشرق الأوسط عمدوا إلى خفض إنفاقهم العائلي فيما قام ما يفوق ربع المشاركين تقريبا بزيادة مبلغ الميزانية العائلية.
وقال في هذا الصدد نسيم غريب، المدير التنفيذي لـ YouGov في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد لحظنا من خلال أبحاث مماثلة في الأشهر الست الماضية أن المستهلكين في الكويت يخفضون انفاقهم بشكل ملحوظ. وبالرغم من بعض مؤشرات التفاؤل التي بدت على مستوى القاعدة الشعبية في الاقتصاد العالمي، فانه يبدو أن الميل إلى الانفاق بحذر ما زال مستمرا، وذلك على المدى القصير على الأقل".
وعند السؤال عن أسباب خفض أصحاب المهن لمصروفهم العائلي، أجابت الشريحة الأكبر من المشاركين في بلدان الخليج، بنسبة 43%، أن ذلك يعود إلى الضائقة الاقتصادية، أما السبب الذي تبعه بنسبة 37% فكان الاضطرار إلى خفض المصروف لأن المشارك أو أحد أفراد عائلته فقد وظيفته، وكانت الأرقام في الامارات العربية المتحدة هي الأعلى من ناحية الإجابة بالاضطرار إلى خفض المصروف العائلي بسبب فقدان الوظيفة مع 45%، وتلتها الكويت بنسبة 44% ومصر بنسبة 41%.