|
اضطرابات ايران تأخذ منحى جديدا مع خلاف المتشددين
|
بيروت (رويترز) - اختار رئيس ايران المتشدد محمود احمدي نجاد توقيتا غريبا للخلاف مع راعيه الاكبر الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي. وكأن الاضطراب الشعبي الذي انتشر على نطاق واسع وغضب الاصلاحيين من نتيجة الانتخابات المتنازع عليها لم يكونا كافيين فقد أغضب بعضا من حلفائه وفقد اثنين من أعضاء حكومته المتشددين بتحديه خامنئي بشأن اختياره لنائب الرئيس. ومن المرجح أن تعقد الفوضى في معسكر المتشددين مهمة احمدي نجاد لتشكيل حكومة جديدة مما يهدد باصابة عملية اتخاذ القرار بشلل مطول في الوقت الذي تلوح فيه مهلة غربية في الافق كان قد تم تحديدها لايران لخوض مفاوضات حقيقية حول برنامجها النووي. ومن المقرر أن يؤدي احمدي نجاد اليمين الدستورية امام البرلمان الاسبوع القادم وهو يتعرض بالفعل لانتقادات حادة من خصميه المعتدلين مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين يقولان ان اي حكومة جديدة لن تكون شرعية حيث انه تم التلاعب بنتائج انتخابات 12 يونيو حزيران وهو الاتهام الذي تنفيه السلطات. كما ألمح جزء من المؤسسة الشيعية المؤثرة التي تتخذ من مدينة قم المقدسة مقرا لها عن هواجس بشأن الفترة التي أعقبت الانتخابات وأغرقت ايران في أسوأ اضطراب داخلي منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979. ويقول انوش احتشامي خبير الشؤون الايرانية في جامعة ديرهام ببريطانيا "بالنظر الى أزمة الشرعية التي يواجهها احمدي نجاد ليس فقط من الموالين السياسيين في طهران بل بشكل متزايد من قم فانه سوف يواجه صعوبة في تشكيل حكومة ذات مصداقية. "في الوقت الحالي يجب أن تكون الاستراتيجية هي الحفاظ على التماسك لكن ستأتي لحظة سيتعذر فيها الدفاع عن احمدي نجاد" مضيفا أن هذا يمكن أن يكون على بعد اشهر فحسب. خامنئي الذي أيد نتيجة الانتخابات وأخذ صف احمدي نجاد صراحة يصعب عليه التخلي عن صنيعته الان. لكن رد فعله كان حازما حين اختار الرئيس نائبه اسفانديار رحيم مشائي الذي كان قد أغضب المتشددين فيما سبق بقوله ان ايران ليس لديها خلاف مع الاسرائيليين بل مع حكومتهم فقط. وفي خطوة نادرة الحدوث امر خامنئي احمدي نجاد في خطاب مفتوح باقالة مشائي. لكن الرئيس دافع علنا عن مرشحه الذي يرتبط بعلاقة مصاهرة به وقدمه الاسبوع الماضي في اجتماع عاصف لمجلس الوزراء. واستبعد احمدي نجاد مشائي في نهاية المطاف مطلع هذا الاسبوع ليعينه رئيسا لمكتبه. كما أقال وزير المخابرات غلام حسين محسني ايجئي فيما يبدو لاصراره على اقالة مشائي امتثالا لاوامر خامنئي. واستقال محمد حسين سافار هاراندي وزير الثقافة الذي ينظر اليه على أنه متشدد اخر قريب من خامنئي فيما يتصل بنفس القضية غير أن احمدي نجاد لم يقبل استقالته. وبطبيعة الحال فان موافقة الزعيم الاعلى مطلوبة في التعيين لتولي الوزارات الحساسة مثل المخابرات والثقافة فضلا عن حقيبتي الدفاع والداخلية. وسوف يصعب تعامل احمدي نجاد مع وزارته المنتهية ولايتها من تشكيل حكومة جديدة وسط أزمة ايران الاوسع نطاقا. ويقول شاؤول بخش استاذ التاريخ بجامعة جورج ميسون في فرجينيا "من الواضح أنه أضعف موقفه حتى مع المحافظين في البرلمان." وأضاف "كانت لديه دائما نزعة للمواجهة تجاه الاخرين خارج الجماعة الحاكمة. الان دفع هذه الاستقلالية خطوة الى الامام بشبه تحد لسلطة الزعيم." ويهيمن المحافظون على البرلمان لكنه كان قد رفض فيما مضى بعض اختيارات احمدي نجاد لمجلس الوزراء. وبدون دعم خامنئي من الممكن أن تواجه اي قائمة جديدة صعوبة شديدة لاقرارها. ويقول باقر معين المحلل المتخصص في الشؤون الايرانية ويتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا له ان المحافظين يشعرون أن دعم الزعيم الاعلى لانتخاب احمدي نجاد كلفهم غاليا. الان يريدون السيطرة على الرئيس. وأضاف "يرجع هذا الى سلوك احمدي نجاد المنفرد برأيه والمتقلب... اذا لم يستطيعوا السيطرة عليه سيتخلصون منه لكن ليس الان. سيكون هناك ثوران شديد للغاية." وقال معين انه سيكون على احمدي نجاد اختيار حكومة لها قاعدة واسعة تتجاوز دائرته لكسب قبول المحافظين والا سيواجه ثورة في البرلمان. اما النخبة الحاكمة في ايران المنقسمة والمجروحة بسبب الاضطرابات التي وقعت منذ الانتخابات فلن يكون لديها استعداد كبير لمواجهة أزمة جديدة ستتفجر اذا استقال احمدي نجاد او تمت اقالته. وقال بخش "حتى منتقديه داخل القيادة وبين المحافظين لن يريدوا خلق أزمة بهذا الحجم... سيقتضي هذا انتخابات جديدة. أتصور أن خامنئي سيريد تجنب هذا بأي ثمن تقريبا." وقد ضعفت سلطة الزعيم الاعلى بالفعل ويرجع هذا جزئيا الى أنه حاد عن دوره المعتاد كحكم يسمو فوق النزاعات السياسية. وقد تحدت المعارضة حكمه بأن الانتخابات صحيحة. والان تحداه احمدي نجاد. ووجدت المعارضة طاقة جديدة في الاسابيع القليلة الماضية حيث حصلت على الدعم من علي اكبر هاشمي رفسنجاني ورجال دين بارزين اخرين بعد أن أخمدت السلطات الاحتجاجات التي خرجت الى الشوارع الشهر الماضي. ومن شأن الصراع على السلطة أن يعرقل قدرة القيادة على التعامل مع المشاكل الاقتصادية التي تعانيها الجمهورية الاسلامية فضلا عن الصراع بشأن برنامجها النووي الذي تقول ايران انه سلمي بحت بينما يشتبه الغرب في أنه يهدف الى تصنيع قنابل. وقال احتشامي من جامعة ديرهام عن عرض الرئيس الامريكي باراك اوباما للتعامل مع ايران مقابل تنازلات نووية "أشعر ان واشنطن تزيد الضغط ببطء وثقة. اعتبارا من الخريف لن تكون هناك رحمة. "سيطلبون موقفا من طهران بحلول نهاية سبتمبر وحينذاك سيمهلونها حتى نهاية العام لتنفيذه. هذه نافذة صغيرة جدا." من اليستير ليون |