الفكر السياسي والاستراتيجي لأمريكا بإصدار جديد
صدر دار الشروق للنشر والتوزيع بعمان كتاب "الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية" للكاتب الدكتور عبد القادر محمد فهمي، ويتساءل بين دفتيه حول المكانة التي وصلت إليها الولايات المتحدة والتي تفرضها حتمية تاريخية بدافع قوى وعوامل لا دخل للإرادة الإنسانية في صياغتها.
وقدم فهمي وفقا لما ورد بصحيفة "البيان" الإماراتية فكرة كتابه من منطلق "فكرة الاختيار الإلهي" التي تزيح قوى كبرى فاعلة من مسرح السياسية الدولية وتحل محلها، الأمر الذي أدى الى حالة تفرد أمريكي.
وتطرق المؤلف إلى الأسس البنيوية للفكر السياسي والاستراتيجي الأمريكي عبر عدة محاور منها الفكري الديني "الأيديولوجية الدينية" حيث الجمع بين نقيضين علماني يفصل بين الدين والدولة ومدني متدين يمثل عناصره نسبة تزيد عن الـ80%.
ويرى أن هذا المجتمع يمثل بذلك قاسماً مشتركاً للأكثرية المعتدلة من الأمريكيين باختلاف مذاهبهم وعقائدهم، وحتى من لا يمارسون الفروض والطقوس الدينية.
أما المحور الثاني فهو "سياسي-اقتصادي" تشكل عبر الزمن بأسلوب تراكمي وساهمت الحرب الأهلية بين عامي 1861-1865 ما بين الشمال الصناعي والجنوب الزراعي في ترسيخه، وهذا المحور عزز من توجه الدولة نحو مزيد من الحرية الاقتصادية بعيداً عن الأفكار الرومانسية بل التوجه نحو مزيد من السيطرة والاحكتار والتكتل.
وجاء المحور الثالث "فكري-براجماتي" فهو اتجاه فكري فلسفي يركز على المنفعة كقيمة عليا، وتكمن في القدرة على تحقيق المصلحة الذاتية، وظهر هذا الاتجاه كنتاج للتحولات التي مر بها المجتمع الأمريكي خلال تحوله من مجتمع زراعي تقليدي إلى مجتمع صناعي معاصر ليتربع بعد ذلك على عرش الثقافة الأمريكية.
وأكد المؤلف وفقا لتحليل محمد جمعة بصحيفة "البيان" الإماراتية النزعة التجارية- الصناعية التي أصبحت تشكل واحدة من أهم السمات الأساسية المميزة للشخصية الأمريكية، كما يبرز أدوات السيطرة والتحكم على الصعيد العالمي لاستكمال المشروع الأمريكي للهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
ومن المؤسسات التي أسهمت الولايات المتحدة في تأسيسها، لتعزيز سيطرتها على العالم على المستوى الاقتصادي، صندوق النقد والبنك الدوليان اللذان يعملان وفق آلية تقود إلى تبعية سياسية واقتصادية تماشياً مع برامج التكيف الهيكلي التي تحتم القيام ببعض التحولات الجذرية في الهيكل الاقتصادي للدول الراغبة في الحصول على المساعدات المالية، ومشروع "مارشال" المقدم عام 1947 بغرض إنعاش اقتصاد أوروبا الذي انهار بعد الحرب العالمية الثانية وكان هدفه منع وقوع الدول الأوروبية تحت الاستقطاب الاشتراكي حيث لا تتمكن أوروبا من أن تقف بمفردها دونما الدعم الأمريكي.
وعلى المستوى السياسي ـ الدبلوماسي تشكل المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأم المتحدة ثمرة سياسية لجهد عسكري كلل نجاح الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، كما تعمل على دعم الهيمنة على المستوى العالمي، وعلى المستوى الاستراتيجي العسكري ـ الأمني استخدمت الولايات المتحدة عدة استراتيجيات في إطار صراعها الأيديولوجي مع العقيدة الاشتراكية والمعسكر الشرقي السابق الممثل لها.
ومن هذه الاستراتيجيات: استراتيجية الاحتواء، والانتقام الشامل، والاستجابة المرنة، والتدمير المؤكد الي جانب القوة العسكرية بشقيها التقليدي والنووي، ومنظمة حلف شمال الأطلطني التي لا تزال تحتفظ بدورها الاستراتيجي على الرغم من زوال حلف "وارسو" الذي كان يمثل الخصم في السابق.