هاينزلينغ : خادم هتلر

مع هتلر حتى النهاية : مذكرات خادم هتلر

هاينز لينغ قضى عشرة سنوات في خدمة ادولف هتلر ، وقد تكون من المفارقات العجيبة ان ينهي الزعيم النازي حياته مع اقرب الناس إليه عشيقته إيفا براون حتى لايقع في ايدي الروس الذين باتوا على امتار من مخبئه لكنه نسي ان هناك من يحمل ادق اسراره سوف يقع في ايدي الروس ليقول كل شيئ عن سيده

هاينز لينغ قضى عشرة سنوات في خدمة ادولف هتلر ، وقد تكون من المفارقات العجيبة ان ينهي الزعيم النازي حياته مع اقرب الناس إليه عشيقته إيفا براون حتى لايقع في ايدي الروس الذين باتوا على امتار من مخبئه لكنه نسي ان هناك من يحمل ادق اسراره سوف يقع في ايدي الروس ليقول كل

شيئ عن سيده .

بحلول عام 1945 كان على هتلر ان يقر بهزيمته بعد إنهيار فيالقه في كل الجبهات واخذت سرف الدبابات الروسية تهز الارض وصولا إلى برلين التي بدت كمدينة اشباح، لينغ الذي اسرته القوات الروسية يعترف في مذكراته التي صدرت لاول مرة باللغة الإنكليزية بعد ستة وعشرون سنة على رحيله في عام 1980 ، انه كان على الدوام جنبا إلى جنب مع سيده هتلر وحتى لحظات رحيله الاخيرة : ( بدا الفوهرر متفائلا ذلك اليوم من شهر ابريل / نيسان 1945 بالرغم من علمه بهزيمته الحتمية ، وقد عزل نفسه تماما إلا مني وإيفا براون في ذلك الحصن الارضي وقال لي : لقد كنت معي طوال سنوات كثيرة ، واود ان افرج عنك وعائلتك ، فقاطعته : سيدي الفوهرر سابقى معك حتى في هذا السوء الذي نمر به ، لكنه اصر على ان اذهب بعد ان وفرت له البطاطين الصوفية التي طلبها وكمية من البنزين لم افهم بالبداية ماذا سيفعل بهما ، وغادرت المكان بعد ان تركتهما دون ان اعرف اي وظيفة ساشغلها .

بعد ثلاثة ايام كان ميتا عندما فتح باب غرفة نومه بحضوري ورايت إيفا ممددة على الاريكة الزهرية بينما الفوهرر قد اطلق النار على نفسه وكان راسه يميل نحو الجدار وقد تناثر دمه على السجادة بالقرب من إيفا التي كانت ساقيها ملتويتان على بعضهما وظهر مفعول مادة السيانيد السامة على وجهها .

كانت غرفة نومه في القبو الذي اعد له لتفادي القذائف التي كان يطلقها الروس إلا ان إحداها اصاب سُلم القبو ولم تصل إلى الفوهرر.

ولدت في بريمن عام 1913 ، لم اكن مهتما بالسياسة ولكن في عام 1933 ارسلت مع عشرين من رفاقي للعمل في المقر الحكومي البوندستاج ، وقبل وقت قصير من إندلاع الحرب في عام 1939 إختاروني للعمل كخادم لهتلر والإشراف على منزله وحاجاته الشخصية ، وكانت وظيفتي فرز الاوراق التي يضعها موظف الخارجية الموفد على هذا الاساس ، على كرسي خارج غرفة نومه وبعد ان يصحو كان ينادي عليّ فاعرف واجبي جيدا حيث اقوم بجلب تلك الاوراق مع الكتب والصحف بعربة الشاي ونظارته مع علبة الاقلام الملونة واقف بها قرب سريره الذي لم يغادره بعد .

كان لايرغب ان يشاهده احد وهو يرتدي نظارة القراءة بإعتقاده انها علامة من علامات الضعف ، وكان عندما يسافر اكون مسؤولا عن حفظ له مزودة الكتابة وزوج من النظارات ، وبعد إنتهائه من قراءة الاوراق والصحف وشرب الشاي يقوم هتلر باتباع نفس الروتين اليومي ، حلاقة الذقن وخلع قميص النوم الابيض ووضعه على السرير ثم يستحم ويرتدي ملابسه الجاهزة ويقف امام المرآة ليعدل من هندامه ، إلا انه يهتم اكثر بخصلة شعره التي تتدلى دائما عند جبهته اما شاربه فله قصة طريفة تتعلق بمزاجياته التي تعرفت عليها اثناء خدمتي معه ، فإذا لم يكن سعيدا فلا يمشطه وهذا تحذير لنا ، لقد كان من الصعب على الغير فهم هتلر ، بعد ذلك يذهب إلى غرفة المكتب ليتناول الشاي والحليب والبسكويت او شرائح الخبز وتفاحة وكان هذا هو إفطاره على الدوام .

كان هتلر ومنذ وقت طويل قد تجنب اللحوم اما إذا كان لديه ضيوف على الغداء فإن طعامه يرتب بعناية ولا يخلوا اللحم بالطبع مع وجود هؤلاء .

اثناء خدمة الفوهرر خلال الحرب العالمية الاولى تعرض إلى هجوم بالغاز فاجريت له جراحة في الاحبال الصوتية لانه كاد ان يفقد صوته فيها ومنذ ذلك الوقت كان علينا ان نعد له الطعام فاترا وليس ساخنا وحسب مااعلمني به كبير اطبائه ، اما نظامه الغذائي فكان يتالف اساسا من البطاطس والخضروات واللحوم من غير توتر والفاكهة مع وجبة من البيرة او النبيذ خاصة في المناسبات الرسمية ، واتجه في اخريات ايامه إلى ان يكون نباتيا ودون ان يترك عادة تناول الكحول ، بيد انه وجد الاطباء ان لديه نسبة عالية من السكر فنصحوه بالإبتعاد عن تناول البيرة والدهون ، وقد حافظ على وزنه إثر ذلك وكان يقول لنا ان الشعب الالماني لايريد ان يرى مستشاره سمين ، وكان يعرب عن قناعته بان لعمر الإنسان علاقة قوية بالنبات فالذين يعيشون عليه يكون بإمكانهم بلوغ ال60 او ال70 من العمر بيسر ودون مشاكل صحية ، حساباته هذه جاءت نتيجة لما كان يراه على الحيوانات التي تتغذى على النبات مرورا لمرحلة النضج الكامل ، واعرب كذلك عن إقتناعه باننا لو اصبحنا نباتيين فينبغي ان نعيش 150 إلى 180 عاما بيسر ، لكن هذا الراي اغضب الاطباء الذين حاولوا بإستمرار إقناعه لتغيير نظامه الغذائي للحفاظ على
ساعات عمله العادية والنوم ، لكنه افصح لي مرة عن معاناته من إضطرابات في المعدة عقب إنتهاء الحرب العالمية الاولى واحيانا تسبب له هذه الإضطرابات مغصا سرعان ما يتضاعف .

في السنوات العشر التي عرفته فيها كان على الدوام قلقا على صحته وسلامته البدنية التي بدات بالتراجع في نهاية عام 1942 عندما كان القتال في ستالينغراد قد وصل إلى مرحلة بدت فيه القوات الالمانية عاجزة عن تحقيق النصر على القوات الروسية ، فبدت يده اليسرى بالإرتعاش وكمحاولة لإخفاء ذلك عمد على الضغط على جسده بها او الإمساك بها بقوة .

في عام 1943 اصبح بين ليلة وضحاها لايقدر على التحرك بسرعة واخذت قدماه تميلان إلى الامام والجانبين على حد سواء ، وعلى الرغم من ضعفه البدني فإنه كان يرفض الإستعانة باي معينة اومساعدة وتفاقم ذلك الضعف عند محاولة إغتياله حينما تعرضت سيارته لإطلاق نار ، فخشيت عليه وقمت باخذ الإحتياطات اللازمة لحظر المواد الغذائية خاصة المعلبة منها والداخلة من الخارج مع إختبار اجريه يوميا على الماء مخافة تلوثه او تسميمه .

ونتيجة لذلك فقد كنا دائما وإثناء السفر نغلق نوافذ القطار ونسدل عليها ستائر غامقة ، بيد ان هذا هو ليس السبب الحقيقي فعينيه كانتا تتاثران باشعة الشمس والضوء الساطع يضر بهما .

كان هتلر يعتبر نفسه محظوظا فقد إنفجرت في يوم 20 يوليو / تموز 1944 قنبلة بجانبه فاصيب بخدوش بسيطة وبترت ساق احد حراسه وتلك كانت إحدى محاولات إغتياله الفاشلة ، ومع ذلك في اعقاب الهزائم التي مني بها الجيش الالماني فقد كان الهدوء مسيطرا عليه الإ ان طبيبه الخاص وبعد فحصه الاسبوعي اخبره بتسارع نبضات قلبه ويجب ان يركن إلى الراحة وعدم التعب ، فكانت تلك هي المرة الاولى التي سمح لي بمساعدته بنزع ملابسه وهو خروج على المالوف كما رايته .

بعد ستة اشهر فقط تغيرت آمالنا ففي شهر ديسمبر / كانون الاول من عام 1944 كان المزاج السائد على ان الإنتصارات في الجبهة الغربية قد تبددت وادت إلى لاشيئ .

بدت حالة هتلر الصحية تتدهور وكذلك معنوياته معها ففي 20 إبريل / نيسان من العام نفسه إحتفل هتلر بعيد ميلاده وبشكل صامت ، وافصح لي بانه يرغب بالرحيل عن هذا العالم مع إيفا وتلك كانت إشارات لم افهمها في بدايتها والتي كانت في النهاية الإنتحار .

كنت قد شهدت وإيفا كيف عاش الرجل في ذلك الحصن الارضي الذي كان يتالف من اربعة غرف إثنان منها كغرف نوم والحمامات كانت ترتبط بهما بابواب منفصلة وكان يقضي معظم الامسيات مع إيفا ويحتسي الشاي حينا وحينا آخر يتسكع في الروب وهو يحتسي خمر فوار .

لم يكن احد اقرب إلى هتلر من إيفا إلا انه كان حريصا على تكريس نفسه كليا للشعب الالماني إلا ان هنالك من كان يعتقد انه في علاقته بإيفا إنما يفقدون الثقة به ، فقبل يومين من إنتحاره قال لي إن إيفا اصبحت زوجته وهي مكافاة لها لولائها المطلق له ، لقد كان لديها ما تحلم به لعشر سنوات قادمة إلا انها في نهاية المطاف عقيمة وكان هذا الامر مخيب للآمال ، إلا انها حينما إستيقظت في اليوم التالي الذي سبق موتهما ايقنت بانه اليوم الآخير الذي ستعيشه كزوجة حقيقية مع هتلر .

في الربع الاخير من تلك الليلة كانت اوامره لي هادئة وبصوت خفيض قال لي عندما اطلق النار على نفسي هل تعرف ماعليك القيام به ) ورفع يده تحية للمرة الاخيرة في حياته واغلقت الباب وذهبت إلى حيث الخروج من القبو واثناء ذلك سقطت قذيفة روسية واحدة بجانب المكان وسمعت دوي إطلاق نار من مسدس ايقنت حينها ان الفوهررقد ودعنا ، بعده لم اتمكن من تنفيذ وصيته التي كانت تتلخص بحرق جثتيهما فقد سبقني الروس واودعوني الذكرى الحزينة اتقلب معها في الاسر).

الهوامش
صحيفة الكارديان / اللندنية

أحمد فاضل

هاينزلينغ : خادم هتلر

هاينزلينغ : خادم هتلر :: تعاليق

هاينزلينغ : خادم هتلر

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة