وبما أن كل وسائل اتقاء وهج الظهيرة الحارقة، المصنوعة من أعواد القش، أو القماش التي غطت رؤوسنا حماية من ضربة شمس كمشروع محتمل قائم في هذه الصحراء القاحلة، لم تنفع.. إلا أن طراوة سيرة هذه الملكة العظيمة وغيرها من (الكنداكات) عطّرت الأجواء، وأعطت بعداً آخر لزيارة معالم أثرية يزهو أصحابها بتاريخ حضارة كبير مرَّ على هذه الأوابد، ونقش عليها ذكرياته التي بقيت في مأمنٍ بين يديّ الباحثين وعلماء الآثار، الذين سعوا جاهدين وجادين لفك رموز طلاسمها وإشاراتها وكتاباتها، على خلفية صدق التدوين والنحت على الخشب، والحجارة، والمعابد، والقبب، والنصب التذكارية.
كنداكات.. سبقن عصرهن.. وعلى جدران المعابد دونت آثارهن..
[size=9]فما يمكن أن نعرفه عن أصالة (كنداكة) الملكة السودانية أماني تيري، وهي إحدى ثلاث ملكات حملن الاسم نفسه: أماني ريناس، وأماني شاخيتي، وقد عاشت قبل الميلاد كما تدل على ذلك النقوش التي يمكن مشاهدتها على جدران المقابر والمعابد..
[size=9]ومثلها ما نقلته النصب والروايات التاريخية المدوّنة عن (تين هينان) ملكة الطوارق (ناصبة الخيام)، كثيرة السفر والترحال، التي حكمت في القرن الخامس الميلادي، والتي يستند إليها الطوارق في تنظيمهم الاجتماعي الذي يستمد السلطة الآن من حكمة المرأة.. والتي ما زالوا يحفظون صداها في ترحالهم وتجوالهم، ويحدث بعضهم بعضاً عن أسراب الغزلان كيف كانت تأمن لوجودها، وعن قطعان النوق كيف كانت تطمئن لحضورها.. لتقرر صاحبة الناقة البيضاء الاستقرار في منطقة (الأهقار).. وفيما نقله العلاّمة ابن خلدون ان ابنها (أهقار) الذي أطلق اسمه على المنطقة كلها فيما بعد، كان أول من غطى وجهه فتبعه القوم وظلوا على تلك الحال لليوم..
[size=9]قلتُ ما يمكن أن نعرفه عن أصالة كنداكة، وناصبة الخيام، وزنوبيا، وبلقيس.. وغيرهن من ملكات عربيات حكمن وشيدن ممالك كبيرة مزدهرة كسبن فيها ود الناس فصرن أساطير في العطاء والنبل والنزاهة..
[size=9]يمكن بالطبع أن نعرفه عن زيف التاريخ يسجل سيرة ستيفي ليفني، ومائير, وكوندي.. وقد تعمدت روحهن بالدم، وأفكارهن بمبادئ الموساد الذي شاهد التاريخ آثاره تُنْقش سجلاً حافلاً في التاريخ المعاصر، في (أبو غريب، وغزة، وجنوب لبنان).. بما فيها طمس الأثر العربي، ومحو للأسماء العربية في فلسطين من لوحات الأمكنة واتجاهات السير للإبقاء على الاسم العبري وحده.
[size=9]ويمكن بالطبع أن نعرفه عن زيف النصب التذكاري لرئيس مدرسة البحرية الإسرائيلي باروخ فريد زئيف عند ميناء عكا, وهو ليس له أية صلة تاريخية أو حضارية مع المدينة أو ميناءها.. إلا صلة الاحتلال.
[size=9]وعلى الرغم من اعتراف وزير المواصلات إسرائيل كاتس من حزب الليكود أن هذا الإجراء هو رد على رفض العرب على تسمية البلدات بأسمائها العبرية.. إلا أن جمعية الصيادين في عكا قررت إقامة نصب تذكاري في ميناء المدينة للغواص العربي عيسى العوام, الذي حارب مع صلاح الدين الأيوبي, تحدياً للسياسة الإسرائيلية, وكرد اعتبار لأهل عكا, أهل التاريخ والجذور مع نقش وتسجيل اسم مئة عائلة على النصب ممن لهم علاقة كبيرة بتاريخ المدينة الممتد لأكثر من مئة وخمسين عاماً..
[size=9]إذا كانت أسراب الغزلان.. وقطعان النوق في مأمن حاكمات عربيات حكمن التاريخ بالحب والعطاء.. فكيف يستطيع الطفل الفلسطيني (الشهيد) أن ينسى حاكمات محتل اغتصبن طفولته وأمطرنه بوابل الحقد.. والدم.. والنار..؟! وأن ينسى تعسف احتلال تاجر بأعضائه واخوته الشهداء الفلسطينيين بعد قتلهم عمداً –كما أكدت صحيفة افتونبلاديت السويدية في تحقيق لها نشر أول أمس.
[size=9]ربما سينقل ابن خلدون المعاصر يوماً.. أن أبناء الأمهات (الكنداكات) في فلسطين, كانوا أول من غطى عورة التخاذل العربي..
[size=9]وكانوا أول من كتب تاريخاً لصلاح دين جديد!!
[size=9]
[size=9]كنداكة (Candace) لقب يعني المرأة أوالملكة العظيمة الأولى