سويس إنفو أعربت وكالات المساعدات الإنسانية، ومن بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يوجد مقرها في جنيف، عن بالغ قلقها إزاء مصير عشرات الآلاف من الأشخاص الذين حوصروا بسبب القتال العنيف في شمال مدينة صعدة اليمنية.في الأثناء، تحذر خبيرة سويسرية من أصل يمني، من أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد قد تهدد وجود الدولة اليمنية.
أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لها وفد في اليمن، بأن المدنيين في حاجة ماسة إلى المساعدة. وفي تصريح لـ swissinfo.ch، قال رئيس وفد اللجنة هناك، جون- نيكولا مارتي: "إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أدارت، بتعاون وثيق مع الصليب الأحمر اليمني، عدة مخيمات للنازحين خلال السنوات الأخيرة في صعدة"، مشيرا إلى أنه "من الصعب للغاية تكوين صورة دقيقة عن عدد النازحين".
لكنه أضاف: "ما يمكنني قوله هو أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر اليمني سجلتا 25000 من النازحين في الأسابيع الأخيرة في محافظتي صعدة وعمران. وقد بدأ هؤلاء الناس يحصلون على مساعدات من جانبنا".
واستكمل قائلا: "نحن لم نصل بعد إليهم جميعا، لكننا بدأنا في مساعدتهم من خلال إمداد الذين وصلوا إلى المخيمات بمياه الشرب والمواد غير الغذائية، مثل البطانيات والأفرشة وأواني الطبخ والخيام".
فريق محليوتتوفر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صعدة على فريق يتكون من 45 شخصا، من بينهم خمسة من الموظفين الدوليين. وأكد السيد مارتي أن اللجنة تأخذ مسألة أمن موظفيها على مجمل الجد.
وأضاف في هذا السياق: "إن شمال اليمن هو مكان خطير جدا. ففي شهر يونيو الماضي، اختــُطف تسعة أجانب وقُتل ثلاثة يمنيين. ومنذ وصولي إلى اليمن قبل تسعة أشهر، (واجهنا) تحديا كبيرا على مستوى إدارة أمن موظفينا".
وقد وجـّهت الأمم المتحدة يوم الأربعاء 2 سبتمبر الجاري نداءا عاجلا لتمويل عمليات المساعدة لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن. (انظر المادة المتعلقة يسار الصفحة).
وقد حصلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد على زيادة في الميزانية في يونيو الماضي ليصل تمويلها السنوي إلى 20 مليون فرنك. وقال السيد مارتي إن "هذا يفترض أن يكون كافيا للوصول إلى المستفيدين الذين نريد أن نسعفهم قبل نهاية العام".
« في شهر يونيو الماضي، اختـُطف تسعة أجانب وقتل ثلاثة يمنيين »
جون-نيكولا مارتي، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر
ماضي وحاضر يتسمان بالاضطرابويعتبر اليمن بلدا مضطربا بكافة المقاييس. فهو البلد الوحيد المنخفض الدخل في شبه الجزيرة العربية، وهو لا يتوفر على الموارد الطبيعية الغنية التي ينعم بها جيرانه. وتسود مشاعر الاستياء في جنوب اليمن إزاء هيمنة الشمال على البلاد منذ توحيدها عام 1991.
لكن أسوأ صراع ذي طبيعة طائفية يدور في شمال البلاد حيث تقاتل القوات الحكومية متمردين في منطقة صعدة الجبلية على الحدود مع المملكة العربية السعودية.
ويصعب التحقق من المعلومات المستقلة التي ترد عن سير الحرب بما أن المنطقة أغلقت أمام وسائل الإعلام غير الحكومية.
ويطالب المتمردون من الطائفة الزيدية الشيعية بمزيد من الحكم الذاتي، بحيث يعارضون انتشار تأثيرات النزعة السنية الوهابية القادمة من السعودية، ويقولون إنهم يدافعون عن منطقتهم ضد قمع الحكومة. إلهام مانع تأثير خارجيأما الحكومة فتقول إن المتمردين يريدون إقامة دولة شيعية أطيح بها في عقد الستينات. كما اتهمت وسائلَ الإعلام الإيرانية بتأجيج الصراع.
ووفقا للدكتورة إلهام مانع، أستاذة العلوم السياسية في جامعة زيورخ، فإن المملكة العربية السعودية وإيران تتنافسان على النفوذ في هذه المنطقة.
وفي تصريحاتها لـ swissinfo.ch، أضافت الخبيرة في شؤون شبه الجزيرة العربية: "إن الجانب الأكثر إثارة للقلق في هذه المشكلة هو أن عدم الاستقرار يخلق ملاذا للمقاتلين الإسلاميين".
واستطردت قائلة: "إن الدولة غير قادرة على الإيفاء باحتياجات مواطنيها والسيطرة على أراضيها، مما أدى إلى وضع (أتاح) لنشطاء القاعدة القيام بعمليات في مناطق باليمن خارجة عن سيطرة الدولة".
الدكتورة إلهام مانع، التي تحمل الجنسيتين اليمنية والسويسرية، تزور مرارا اليمن التي كانت تُعرف بـ "بلاد العرب السعيدة" في العصور القديمة. وهي تـُحذر من أن وجود اليمن في حد ذاته هو حاليا مُـــهدد.
وأضافت في هذا الصدد: "إذا ما لم تتم معالجة هذين النزاعين [بين الشمال والجنوب، وضمن الشمال نفسه] بحـِكمة بحيث تُعالج مظالمُ سكان كلا المنطقتين، فقد ينتهي الأمر باليمن كدولة فاشلة".
واختتمت تحليلها قائلة: "قد نشهد تفكـُّك البلاد إلى وحدات مختلفة، وعدم قدرتها على السيطرة على أراضيها بطريقة مشابهة لما نراه اليوم في الصومال".
كلير أودي - swissinfo.ch(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)