سويس إنفو :
رئيس الكنفدرالية هانس-رودولف ميرتس (يمين) لدى مغادرته الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حول الأزمة مع ليبيا يوم 8 سبتمبر 2009 في العاصمة برن (Keystone) قد يكون رئيس الكنفدرالية السويسرية هانس-رودولف ميرتس أساء فهم نص الرسالة التي وجهتها طرابلس إلى برن بخصوص الإفراج عن رجلي الأعمال السويسرييـْن المُحتجزين في ليبيا منذ أكثر من عام.لكن غيري مولـّر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السويسري التي ناقشت يوم الثلاثاء 8 سبتمبر الجاري فحوى الرسالة والأزمة الدبلوماسية بين سويسرا وليبيا، أعرب عن تأييـده للسيد ميرتس وقال إن الإشارات الليبية "لم تكن بذلك (القدر من) السوء".
الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي للرئيس السويسري يوم 26 أغسطس، والتي نشرتها يوم الثلاثاء صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ)، تقول إن الإجراءات القانونية الخاصة بانتهاكات قوانين الهجرة المزعومة المنسوبة لرجلي الأعمال السويسريين هي "جارية"، وأن المدعي العام الليبي ينظر في هذه المسألة.
وورد في الرسالة: "نتوقع أن تستكمل الإجراءات في غضون بضعة أيام. وبناء على السير العادي للأمور في حالات مماثلة، نحن نعتقد أن قضيتهما ستحسم في وقت قريب جدا، وأنهما سيستطيعان السفر خارج ليبيا قبل نهاية هذا الشهر".
وقد فسر الرئيس السويسري هذه الرسالة كتعهد خطي بالسماح للمُحتجزيــْن منذ يوليو 2008 بالعودة إلى بلادهما قبل 1 سبتمبر الجاري، كجزء من الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع ليبيا يوم 20 أغسطس المنصرم في طرابلس.
وجاءت تلك الرسالة عقب التأكيدات الشفهية التي تلقاها السيد ميرتس عندما سافر ذلك اليوم بشكل مفاجئ إلى العاصمة الليبية للاعتذار عن الاعتقال الذي وصفه بـ "غير المُبرر" في جنيف لنجل الزعيم الليبي، هانيبال القذافي وزوجته آلين، بتهمة سوء معاملة اثنين من خدمهما العرب أثناء إقامتهما في جنيف في صيف 2008. وقد أثار اعتذار السيد ميرتس موجة انتقادات عارمة في سويسرا.
غموض ولبس؟غير أن الصحف السويسرية والعديد من البرلمانيين عبروا يوم الثلاثاء عن قلقهم إزاء الرسالة. يومية "نويه تسورخر تسايتوغ" أشارت إلى أن الوعود الليبية المكتوبة لم تكن "واضحة".
من جهتها، أضافت صحيفة "تاغس أنتساغر": "إن كيفية صياغة ترجمة "نحن نعتقد" مشكوك فيها". وقالت كاتي ريكلين، من الحزب الديمقراطي المسيحي، في تصريحات لنفس اليومية بأن تأكيدات السيد ميرتس كانت تقوم على "التزام ضعيف".
أما كريستوف مورغيلي، من حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، فقارن الرسالة الليبية بتذكرة لليانصيب الوطني قائلا: "عندما أشتري شيئا من هذا القبيل، أتمنى أيضا أن أفوز".
تـــأيـــيدلكن بعد الإجتماع الذي عقدته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب يوم الثلاثاء 8 سبتمبر مع السيد ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري، أعلن رئيس اللجنة غيري مولـّر دعمه للرئيس السويسري قائلا في هذا السياق أمام الصحفيين: "كان يمكن تفسير الرسالة كوعد بأن الرهينتين قد تغادران ليبيا قبل نهاية أغسطس"، وأن "صيغة "نحن نعتقد" يمكن بسهولة فهمها أن الأمور قد تسير بسرعة".
وأضاف السيد مولـّر أن رئيس الكنفدرالية لم يستند فقط إلى تلك الرسالة بمفردها بل أيضا إلى وثائق خطية أخرى ورسائل إلكترونية تبادلها مع السلطات الليبية بعد تاريخ 20 أغسطس 2009.
وقال هذا النائب في حزب الخضر السويسري: "ليس هنالك وعد مائة في المائة" وأن "هنالك شيئا حال بوضوح دون عودتهما السريعة التي كانت متوقعة".
كما نوه السيد مولـّر إلى أنه من الواضح أن الأطراف الليبية المعنية لم تكن دائما متفقة فيما بينها في أعقاب توجيه تلك الرسالة.
وأضاف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان السويسري أن الإجراءات جارية وأن النقاش الآن حول المفردات الدقيقة للرسالة لا يفيد بشيء. في المقابل، اعتبر أنه سيكون "من الخطل" إجراء محاكمة للسويسريين المحتجزين في طرابلس.
دبلوماسية هادئة.. وشائعات مذهلةووفقا للسيد مولر، تريد الحكومة الفدرالية الآن مواصلة انتهاج دبلوماسية هادئة مع ليبيا.
ولم يدل رئيس الكنفدرالية ولا وزيرة الخارجية بأية تعليقات على إثر اجتماع يوم الثلاثاء، لكن مولر أكد أنهما أجابا على أسئلة البرلمانيين التي أشار بعضها إلى أن الصبر السويسري بلغ أقصى حدوده.
وقد أعلـِن أيضا يوم الثلاثاء بأن لجنتي مجلسي النواب والشيوخ تعتزمان دراسة الكيفية التي تناولت بها الحكومة والسيد ميرتس الاتفاق الذي أبرم مع ليبيا.
وفي حوار نشرته صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ آم زونتاغ" يوم الأحد 6 سبتمبر الجاري، قال نائب وزير الخارجية الليبي، السيد خالد قايم بأن توقعات سويسرا بشأن عودة سريعة للرجلين السويسريين كان يقوم على ما يبدو على "سوء تفاهم".
وأوضح أن الطرفين السويسري والليبي اتفقا فقط (خلال الزيارة المفاجئة التي أداها السيد ميرتس إلى ليبيا يوم 20 أغسطس الماضي) على أنه "سيتم القيام بشيء ما" بحلول نهاية أغسطس، مُذكرا بأن ليبيا وفت بوعدها من خلال السماح للمدعي العام بلقاء رجلي الأعمال السويسريين في مناسبتين. في المقابل، قال السيد قايم بأن الحكومة لا يمكن أن تجبر المدعي العام على فعل شيء ما، معربا عن أمله في أن يتخذ بسرعة قرار في صالح المواطنين السويسريين.
في الأثناء، تحدثت صحيف سويسرية، مثل "فانت كاتر أور" (تصدر بالفرنسية في لوزان) و"لا تريبون دو جنيف" يوم الأربعاء 9 سبتمبر الجاري عن شائعات مفادها أن أحد المُحتجزين السويسرين في ليبيا، السيد رشيد حمداني، المزدوج الجنسية - سويسري تونسي - قد تكون تربطه صلات بالسلطات الليبية. ونقلت اليومية عن برلماني سويسري يبدو أنه مطلع جيدا على تطورات الملف، بأن السيد حمداني ربما غادر مؤخرا ليبيا لقضاء عطلة في تونس دون أن ينتهز الفرصة للعودة إلى سويسرا، وبأنه يعرف رئيس الوزراء الليبي شخصيا وعددا من أعوانه. لكن هذه المعلومات لم تؤكدها مصادر رسمية.
سايمون برادلي - swissinfo.ch مع الوكالات