روسيا اليوم :ابراهيم الكوني ..الروائي وفيلسوف عالم الصحراء يعتبر الكاتب الروائي الليبي ابراهيم الكوني(1948) خريج معهد جوركي للأدب بموسكو من اغزر الادباء العرب انتاجا اذ يتجاوز عدد اعماله القصصية والروائية السبعين كتابا تتحدث عن حياة الطوارق الصحراوية وحكمة الصحراء . ونال الكوني الاعتراف على الصعيد العالمي فترجمت اعماله الى الفرنسية والالمانية والانجليزية والروسية وغيرها وحاز على جوائز ادبية عالمية .
وكانت فترة حياته في موسكو مترعة بالنشاطات والابداع . فقد كان في معهده محط اهتمام اساتذته لأنه ما انفك يقدم لهم المفاجآت الغريبة بما كان يكتبه من قصص تعبر عن اصالة صحراوية بصفته من ابناء الطوارق في صحراء ليبيا ، وتصور العلاقة التي تربط الانسان بالطبيعة الصحراوية وساكنيها وتقاليدهم واساطيرهم. وكذلك لولعه بدراسة اللغات ، ويقال انه يجيد تسع لغات . وقد نشر العديد من أعماله في الصحف الادبية الروسية حتى عندما كان طالب ادب في معهد جوركي ، ولدى عمله لاحقا في سفارة بلاده بموسكو بمنصب مستشار ثقافي وكمراسل لوكالة الانباء الليبية. وما زال الكثيرون في العاصمة الروسية يتذكرون ذلك الشاب العربي الذي يرتاد ادارات الصحف ونادي اتحاد الكتاب السوفيت حيث كانت تقام الامسيات الادبية والشعرية بأستمرار.
وقد نشر الكوني اعماله في الصحافة الليبية والعربية ومنها فزان والبلاد والفجر الجديد والحرية والميدان والحقيقة والاسبوع الثقافي وطرابلس الغرب ومجلة المرأة والكفاح العربي والصداقة البولندية. وقد نشرت مجموعاته القصصية ورواياته الواحدة تلو الآخرى حتى ان القراء ما كانوا يفرغون من قراءة احد اعماله حتى ينهال عليهم عمل آخر له. فنشر اولا " ثورات الصحراء الكبرى" ومن ثم "رباعية الخسوف" و"التبر" و" نزيف الحجر " و" المجوس"و" الخروج الاول الى وطن الرؤى السماوية"و" السحرة" وثنائية " خضراء الدمن" و" الدمية" و" الفزاعة"والملحمة الروائية" بيان في لغة اللاهوت ، لغز الطوارق يكشف لغز الفراعنة وسومر(موسوعة البيان) و" رسول السماوات السبع"وغيرها.
وكان الكاتب يستوحي افكار اعماله من حياة الطفولة في الصحراء والواحة وكذلك من تأريخ الحضارات البشرية. ويقول الكاتب عما يبحث عنه في عمله الابداعي :" انني ابحث عما يبحث عنه الجميع اي الحقيقة، وليست هناك رحلة انبل من رحلة البحث عن الحقيقة .. الحقيقة موجودة في كل شئ ، والانسان لا يقنع بحقيقة أصغر ..انه يسعى الى الحقيقة المطلقة". لكنه يعتبر ان العدمية تسود في هذا العالم فيقول:" انه باطل اباطيل وقبض ريح. وكما يقول القديس بولس : نحن غير ناظرين للأشياء التي لا ترى ، أن الاشياء التي ترى وقتية ، اما الاشياء التي لا ترى فأبدية.. والصحراء هي الرديف او القرين للأبدية دائما، ومحنة التعبير عن الابدية هي محنة التعبير عن الصحراء. ان الكتابة عن الصحراء صعبة لأنها الكتابة عن العدم ولكنه العدم الذي يبدع الظاهرة وليس العدم الذي ينفي الوجود. ومن هنا ينبثق الحنين للأبدية .. الحنين المتيافيزيقي الموجود في روح كل انسان" حسب قوله.
وبالرغم من غزارة انتاج الكوني فأنه لا يحظى بأهتمام النقاد العرب كثيرا.. ويعتبره البعض من الكتاب المنسيين ويوصف بأنه " سيزيف الرواية العربية". ولكنه حصل مع هذا على جائزة الرواية العربية ( المغرب) وجائزة رواية الصحراء (جامعة سبها الليبية) وجائزة الدولة (ليبيا)كما فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الاداب (2007).
وفيما بعد بدأت رحلته في عالم الادب العالمي فنال جائزة الحكومة السويسرية عن اعماله الروائية المترجمة الى اللغة الالمانية (2005)، واختارته مجلة " لير" الفرنسية ضمن 50 روائيا من العالم اعتبرتهم يمثلون اليوم " ادب القرن الحادي والعشرين". كما حصل على جائزة اللجنة اليابانية للترجمة عن روايته " التبر" (1997) وجائزة التضامن الفرنسية مع الشعوب الاجنبية (2002) ووسام الفروسية الفرنسي للفنون والاداب(2006).
- من سلسلة مقالات " مبدعون عرب في روسيا"-