أنباء موسكوالإطاحة
بالمفاوضات غير المباشرة قبل أن تبدأ
سمير الزبن بضربة واحدة أطاحت الحكومة الإسرائيلية اليمينية بزعامة
بنيامين نتنياهو بالجهود الأمريكية للبدء بمفاوضات غير مباشرة (أو ما يعرف
بمفاوضات التقارب) بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ففي الوقت الذي كانت
فيه الإدارة الأمريكية تضع اللمسات الأخيرة لإطلاق هذه المفاوضات -بعد أن
وافقت عليها السلطة الفلسطينية بغطاء عربي عبر موافقة وزراء الخارجية
العرب المشروطة على هذه المفاوضات-، وفي الوقت الذي كان فيه نائب الرئيس
الأمريكي جو بادين يزور إسرائيل من أجل طمأنتها على التحالف الأمريكي ـ
الإسرائيلي، وعلى أمن إسرائيل. جاءت الإهانة الإسرائيلية لنائب الرئيس
الأمريكي بإعلان وزارة الداخلية الإسرائيلية بناء (1600) وحدة سكنية في
الأراضي الفلسطينية، وقبل أن يغادر بايدن إسرائيل إلى الأردن كانت الصحف
الإسرائيلية قد نشرت مخططات لبناء (50) ألف وحدة استيطانية في الأراضي
الفلسطينية.
لم تستطع الإدارة الأمريكية ابتلاع الإهانة، واعتبرت ذلك مساً ليس فقط
بالمصالح الأمريكية والجهود الأمريكية لإطلاق عملية المفاوضات من أجل
الوصول إلى تسوية في المنطقة، بل مساً بحياة الجنود الأمريكيين في
المنطقة. وبذلك لم تستطع الإدارة الأمريكية أن تبتلع هذه الإهانة، التي
دفعتها لإدانة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية،
وتقديم مطالب محددة إلى حكومة نتنياهو، اعتبرتها بعض الأوساط في إسرائيل
محاولة أمريكية للإطاحة بحكومة نتنياهو. فقد أدانت الولايات المتحدة
السلوك الإسرائيلي على كل المستويات، وأجرت وزيرة الخارجية الأمريكية
هيلاري كلينتون مكالمة مع نتنياهو لمدة 43 دقيقة، اعتبرتها الصحف
الإسرائيلية مكالمة توبيخ. جاءت بعد توبيخ آخر من جو بايدن الذي ترك
نتنياهو وزوجته ينتظران لمدة ساعة ونصف، وتم استدعاء السفير الإسرائيلي في
الولايات المتحدة مايكل أورن إلى وزارة الخارجية الأمريكية لتوبيخه. لقد
اعتبر نتنياهو أن الاعتذار الذي قدمه على مأدبة العشاء مع بايدن جعل
الأزمة وراء ظهر العلاقات الأمريكيةـالإسرائيلية، وهو ما أثار إدارة باراك
أوباما، وأسمعت كلينتون لنتنياهو كلمات قاسية، وقدمت مطالب لإثبات مصداقية
إسرائيل، تسربت إلى وسائل الإعلام تتلخص بالتالي: أولاً، إلغاء القرار
القاضي ببناء (1600) وحدة سكنية الذي أُعلن أثناء زيارة نائب الرئيس وليس
تجميده. ثانياً الإسراع في تقديم بادرة حسن نية جوهرية للسلطة الفلسطينية،
تتمثل إما في الإفراج عن معتقلين، أو تمديد فترة تجميد الاستيطان. ثالثاً
أن المفاوضات غير المباشرة ستناقش القضايا الجوهرية، مثل الحدود والقدس
واللاجئين وليس بالقضايا الفنية كما طالبت إسرائيل. لكن رد نتنياهو لم
يتأخر فقد أكد أمام وفد برلماني من أعضاء حزبه «ليكود» في الكنيست بعد كل
ما جرى، أن البناء الاستيطاني سيتواصل في القدس، بما في ذلك الشطر الشرقي
من المدينة، مضيفاً أن »تجميد الاستيطان لعشرة أشهر في يهودا والسامرة
(الضفة الغربية) سينتهي في الموعد المحدد« بحسب اتفاق تعليق الاستيطان.
وهو ما سيفاقم من حدة الخلاف الأمريكي-الإسرائيلي في الفترة القادمة دون
تراجع الحكومة الإسرائيلية.