في أسبوع mbc MBC.. نساء الطوارق بالجزائر يقهرن رجال 10 دول إفريقية بالزغرودة الجمعة 23 أبريل 2010 قام برنامج "MBC في أسبوع" بجولة في سوق "أسيهار" السنوي؛ التي تقام في أقصى جنوب الجزائر، كشف خلالها أسرار سيطرة النساء على هذه السوق التي يجتمع فيها بائعون وزبائن من 10 دول إفريقية، في مشهد مصغر للقارة السمراء، ولكنه مشهد وحدوي تذوب فيه الأعراق والأجناس على اختلافها.
وتقع سوق "أسيهار" على الحدود الجزائرية مع 3 دول إفريقية هي: النيجر ومالي وتشاد، وهو عبارة عن تجمع تجاري سنوي يبدأ مع بداية الربيع، ويعتبر أكبر تجمع لقبائل الطوارق من جميع أنحاء القارة السمراء منذ مملكتهم القديمة.
وذكر تقرير خاص لـ"MBC في أسبوع" الخميس 22 إبريل/نيسان الجاري أن أسيهار تعني باللغة العربية "ملتقى القوافل المقايضة".
وتحرص كل قبيلة إفريقية على عرض جوانب عدة من فلكورها وطقوسها الاجتماعية. وتحتكر النساء الجزء الأكبر من إدارة هذه السوق، نظرا لما تتمتع به من وسائل حماية عديدة ضد طغيان الرجل المشتري.
وأشار التقرير -الذي أعده رفيق بخوش مراسل MBC في الجزائر- إلى أن أبرز الوسائل التي تدافع بها النساء في السوق عن حقوقهن هي اللجوء للإضراب الجماعي عن البيع إذا تعرضت إحداهن للظلم، ويطلق على هذا الإضراب لقب "النوة".
لحم الكلاب ويبدأ الإضراب عندما تطلق المرأة المظلومة زغرودة طويلة مميزة تسمعها النسوة جميعا؛ فيقمن بتعطيل البيع والشراء مدة يوم أو يومين لحين رفع الظلم عن المرأة التي أطلقت الزغرودة.
وتقول غالية ماهية -بائعة من السودان- لـ"MBC في أسبوع": "أقوم ببيع بعض منتجات العطارة، وعندما يؤذن المغرب أقوم بأداء الصلاة، ثم أنام في الفناء المجاور للسوق حتى يأتي اليوم التالي".
وبدورها تؤكد مليكة سحان من قبائل الطوارق الجزائرية للبرنامج أن "النساء هن ركيزة السوق وعمودها الفقري، وبدونهن لا يوجد أسيهار". وتابعت مضيفة "كانت هذه الأرض التي أقيم عليها السوق الآن كلها صحراء وبفضل النساء عادت منتجة مع أسيهار".
وكل شيء من المأكولات مباح في أسيهار، حتى لحم الكلاب الضالة؛ حيث يعتبره مرتادي السوق لذيذ الطعم بل ويتقون به، حسب اعتقادهم، مواجهة الحر الشديد الذي يجتاح المنطقة؛ التي تصل في بعض الأيام إلى 60 درجة مئوية.
وخلال تجوله في السوق تلقى فريق MBC" في أسبوع" دعوة من البائعة سمارا كيتاف -إحدى البائعات من تشاد- لتناول المعكرونة؛ التي يطلقون عليها "المبقبقة"، وهي عبارة عن معكرونة مشبعة بقطع كبيرة من لحوم الضأن الصحراوي والدهون المركزة.
وبعد توزيع الطعام على أعضاء الفريق أشارت سمارا إلى "أنها تبيع أيضا بجانب المبقبقة طبق "دام"، وقالت مضيفة: "إنه طبق تقليدي في تشاد، وهو طعام يمنح الطاقة والقوة، وهو يتكون بشكل عام من الأرز، ولكن على طريقة الطهي الإفريقية".
قاتل الحماوات ومن أبرز المنتجات التي يتم بيعها هي التوابل، وأعدادها تفوق الـ100 صنف، وأشهر المشترين لهذه المنتجات بعض قبائل الطوارق التي تراودها فكرة التخلي عن الحياة.
وأبرز خلطات التوابل ما يطلق عليها "قاتل الحماوات"، وهو مزيج من أنواع الفلفل القوية جدا؛ التي تكسب الطعام طعما متبلا، وخلطة "شهر عسل خاص"، فهي تثير كل من يتناولها جنسيا.
والخرز بجميع أنواعه والأحذية الجلدية والمرجان والأقمشة الحريرية، والقدور النحاسية هي منتجات أخرى في السوق، ويعتبرها منتجوها أغلي من الذهب؛ نظرا لحرفية تصنيعها؛ لذلك لا يتم بيعها نقدا، ولكن عن طريق المقايضة.
وفي هذا السياق يقول أحمد قلالو -بائع من قبائل الطوارق الجزائرية-: "هناك كثير من المنتجات نستبدلها من أشخاص يأتون إلى السوق في جو يشيع بالتفاهم والصدق".
إفريقيا الموحدة ويصف رفيق بخوش مراسل MBC في الجزائر السوق بأنها بورصة الرجل الإفريقي، يأتونها من أكثر من 10 دول إفريقية لتسويق منتجاتهم الغذائية التقليدية والأدوات التي يعود تاريخها إلى عصور قديمة.
وتعتبر أرض أسيهار مخزن أسرار إفريقيا الجديد، وفق بخوش الذي أرجع ذلك لكونها أرضا لبشر امتزجت أعراقهم فكونت شعبا إفريقيا جديدا وموحدا يتعايش في ثقافاته وحضاراته بسلام.
وتقع أسيهار في مدينة تمنراست السياحية على بعد 2000 كلم جنوب العاصمة الجزائر، مناخها جاف صحراوي، وتشتهر بجمال طبيعتها الصحراوية، حيث تضم أكبر متحف طبيعي في العالم في منطقة الطاسيلي الذي صنفته منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتراث (اليونسكو) في قائمة التراث العالمي.
وتقام السوق مع احتفالات المدينة بأعياد الربيع؛ الذي يتضمن أيضا سهرات وحكاوي الحب والربيع في سهرات فولكلورية مميزة بينها رقصة "شروا"؛ التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز، وتهدف إلى التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات.
ويطلق على الطوارق أحيانا لقب "رجال الصحراء الزرق"، وهم شعب من الرحّل الأمازيغ يعيش في الصحراء الكبرى خاصة في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو. والطوارق مسلمون سنيون مع خلط من العقائد الإفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال إفريقيا ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجتها الطوارقية. وترجع تسمية الطوارق إلى الاشتقاق من الكلمة الأمازيغية Targa وتعني "الساقية" أو "منبع الماء".