كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي

" صحراء ميديا "
العسكريون يؤكدون سيطرتهم الكاملة على المنطقة.. وعدم إمكانية تكرار العملية

لمغيطي ـ محمد ناجي ولد أحمدو
كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي Limgheti

كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي Limgheti

استمعت "صحراء ميديا" إلى حكايات الجنود الموريتانيين عن أفراد الحامية، الذين غدرت بهم مجموعة استضافوها يوما واحدا قبل الموقعة، وقدموا لهم بعض الخدمات، كإصلاح إطارات سياراتهم، وأشياء أخرى.
يحكي الجنود هنا على الجبهة في لمغيطي عن أن كثيرا من زملائهم الذين قتلوا في المعركة؛ كانوا خارجين من المسجد حيث كانوا يؤدون صلاة الفجر، وهي ميتة يتمناها أي مسلم بطبيعة الحال.
ويصر قادة التجمع العسكري أن ما حدث في لمغيطي قبل خمس سنوات لن يتكرر أبدا، فقد استوعب الجيش الموريتاني الدرس، ولن يلدغ في الجحر ثانية.
عايشنا العسكريين في المنطقة النائية حوالي 72 ساعة، ورافقنا دوريات استطلاع سيرها الجيش الى مناطق عدة، فخرجنا بتأكيدات من القادة الميدانيين مؤداها أن الجيش هنا في أقصى درجات الجهوزية للتعامل مع أي مستجد.
في صباح اليوم الاول من الزيارة، قمنا بزيارة مقبرة شهداء عملية لمغيطي، المدفونين في قبر جماعي، "استلهاما لما قام به المسلمون لشهداء غزوة أحد"، حسب المساعد اول الخليفة ولد خطاري من ادارة الاتصال والعلاقات العامة بقيادة الاركان.
فعلى سفح هضبة بارتفاع حوالي سبعين مترا، داخل قاعدة عسكرية في الشمال الشرقي لموريتانيا، يرقد سبعة عشر جنديا في قبر جماعي، لقوا مصارعهم بأيدي الجماعة السلفية للدعوة والقتال، الطبعة الأولى من قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي، يوم الرابع من يونيو 2005.
كانت تلك أول ضربة عنيفة يتلقاها الجيش الموريتاني على يد التنظيم، ومن يومها بدأت المواجهة بين القوات الموريتانية ومسلحي القاعدة.
كان الموقع القديم، الذي سوي بالأرض عدا مسجد القاعدة، في منخفض يشرف عليه الموقع الجديد، وكانت الحامية قوة غير مقاتلة، يعهد إليها بتقديم خدمات لوجستيكية وصحية إلى العابرين والمقيمين في المنطقة.
خلف المسلحون شاحنة من طراز "مان"، بقيت دليلا ماديا على الجريمة التي اقترفوها، قام الجنود الموريتانيون فيما بعد بنزع إطاراتها وقطع غيارها، وبقي هيكلها إضافة إلى قبور الشهداء ذكريات لمعركة شكلت أول خسارة كبيرة للجيش الموريتاني بعد انتهاء العمليات العسكرية في حرب الصحراء.
عرف المسلحون في جولتهم الاستطلاعية اليوم السابق للعملية موقع غرفة الإرسال ومخزن الأسلحة، وبدأوا بالاستيلاء عليهما، ليباغتوا الجنود الذين خرجوا لتوهم من صلاة الفجر.
تموقع شاهد خشبي بطول متر ونصف وعرض نصف المتر، صبغ باللون الأخضر وكتبت فيه أسماء الشهداء السبعة عشر بلون أصفر ذهبي.. هي الالوان الوطنية الموريتانية.. رتب الضحايا حسب التراتبية العسكرية المعروفة.. الضباط أولا؛ فضباط الصف، فالجنود.
تربع صدارة اللائحة النقيب الكوري ولد محمد قائد الوحدة الذي أمسكه المهاجمون وحاولوا إرغامه على إجراء اتصالات لاسكية ببقية العناصر، من اجل أن تكون الخسارة أكثر إيلاما للجيش الموريتاني، لكنه رفض بصلابة فقتله المسلحون بدم بارد، تلاه الرقيب أول هبول ولد محمد العبد، الذي قاتل بشجاعة وقتل بعض المهاجمين من بينهم أبو محمد الشنقيطي، قبل ان يطارده السلفيون ويدهسونه بشاحنتهم، ثم توالت أسماء الضحايا ومن بينهم عريفان و13 جنديا.. وإلى جانب قبور الشهداء، هنالك قبران لجنديين ماتا في ظروف طبيعية بعد المعركة.
من بين الجنود الذين شهدوا معركة "لمغيطي" لا يوجد حاليا في المنطقة الا جندي واحد، طلب إعادة تحويله الى الموقع، فيما يخدم الاحياء من المجموعة في مناطق أخرى.
هنا منطقة تواجد التجمع الخاص الثاني، الذي يتخذ من قاعدة "لمغيطي" مقرا له، وهو يتألف من عناصر مدربين على جلاد الصحراء، "منذ تموقع الجيش هنا قبل ثلاث سنوات، نسيطر على المنطقة كليا" يقول الرائد سيدي أحمد ولد الشيخ قائد التجمع.
مجال تدخل التجمع الخاص الثاني، يغطي منطقة الحنك وأركشاش وزمور، بمساحة مربعة تقارب 300000 كلم 2، وهي منطقة كانت دوما معبرا للمسلحين والمهربين، "الآن لا يمكن أن يتحرك شيء الا وهو تحت سيطرتنا" يعلق جندي عائد لتوه من مناورات أقامها العسكريون على "شرف" صحافيين.
مهمة الوحدة التي تنتمي لقوات الصاعقة، "هي تدمير أي عناصر مسلحة تحاول التسلل عبر الحدود والانسحاب بعد ذلك إلى خارج التراب الوطني، والتصدي للعناصر التي تدخل بصفة غير مشروعة وغير مرخصة بالحركة" يقول الكابتين الطالب أخيار من التجمع الخاص الثاني في عرض مصور أمام الصحفيين في الميدان.
إذن.. هم هنا يواجهون الإرهابيين والمهربين، ويقومون باستطلاعات ميدانية مستمرة على طول شريط منطقة التدخل، آخر انتصار لهم على العدو، كان في فبراير حيث قتلوا ثلاثة وأسروا عشرين مسلحا بحوزتهم كميات هائلة من المخدرات في منطقة المزرب، غير بعيد من المغيطي، طبعا البعد نسبي.. حيث يفصل الموقعين بعضهما عن البعض مائتا كيلومتر.
تقع لمغيطي على بعد 650 كيلومترا شرق الزويرات، و840 كيلومترا شمال النعمة، و150 كيلومترا غرب الحدود الموريتانية المالية، و350 كيلومترا جنوب الحدود الجزائرية، في منطقة صعبة تضاريسيا، تتكون من مرتفعات تعرف باسم "الحنك"، و"ظهر الرقيبات".
وعلى بعد حوالي مائتي متر من مقبرة الشهداء يقع بئر المغيطي، نقطة ماء عذبة في عمق الصحراء، كانت ملاذا لعابري المنطقة، الذين كانوا كثرا، غالبيتهم من المهربين، قبل أن يعتبر الجيش المكان منطقة عسكرية مغلقة.

كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي

كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي :: تعاليق

كيف غدرالجنود الموريتانيين في لمغيطي