أزواد-آييرالطوارق بالجنوب الجزائري.. بركان نشط الكاتب موقع التوجه الأمازيغي الكفاحي الثلاثاء, 07 سبتمبر 2010 00:30 يشغل الطوارق حاليا في الجزائر طول مساحة الجنوب، بولايات "تمنراست" و"ايلزي" ومناطق" تيسليت" وجبال " الهكار"، تعد المنطقة بأسرها الأغنى بالثروة المعدنية والطاقية..، وتضم مناطق أثرية يعود تاريخها لمئات السنين. الوضع المعيشي هناك في أدنى مستوياته، هذه الوضعية المزرية تخلف تذمرا لدى السكان، تصاعد في شكل احتجاجات اجتماعية تتخذ في بعض الأحيان شكل مواجهات ضد السلطة العسكرية الجزائرية.
بداية السبعينات، سمحت الجزائر لفرنسا بتجربة نووية بجنوب الجزائر، بعد سلسلة التجارب التي أجرتها في عهد الاستعمار المباشر، أسفرت عن تفشي مجموعة من الأمراض وارتفاع نسب الوفيات وهلاك المراعي. وكان للجيش الجزائري الدور الكبير في قمع ثورة "كيدال" سنة 1962، و قتل آلاف المدنيين الطوارق وأبادوا حتى الثروة الحيوانية.
طوقت الجزائر عسكريا ثورة التسعينات في الجنوب بولايات "تمنراست" و "إيلزي" وفرضت حالة الطوارئ بها، وتطرد كل من يتهم بدعم ثورة الطوارق بمالي والنيجر بدعوى أنه ليس جزائري، وقدمت الدعم الكافي لمالي والنيجر للقضاء على مقاومة الطوارق، وفرضت على قيادات الحركات اتفاقيات خالية من أية مكاسب. وأحكمت الجزائر سيطرتها على المناطق الحدودية الجنوبية وتستمر في التهجير القسري ضد كل طارقي يتهم بالتحريض ضد السلطات المركزية والمحلية.
كانت ثلاثة أرباع مساحة الجزائر للطوارق تاريخيا، إلا أن هذه النسبة ظلت في تراجع مستمر بسبب سياسة جبهة التحرير الجزائري وجنرالات الجزائر الذين وجدوا في هذه القبائل الثائرة خطرا على اديولوجيتهم ومصالحهم المتمثلة في احتكار مصادر البترول والغاز حيث توجد أكبر الحقول في جنوب الجزائر.
يطالب الطوارق بتحسين الظروف المعيشية وتنمية المنطقة واستغلال الموارد المحلية لصالح المنطقة ورفع حالة الطوارئ عن المناطق الحدودية مع حرية تنقل ساكنة الطوارق وانتخاب ممثليهم في البرلمان بدلا من تعيينهم فمنذ إنشاء البرلمان الجزائري والمنطقة محرومة من انتخاب ممثليها حال بقية المناطق. توالى الرؤساء على عرش الجزائر ولم تتغير سياسية التهميش والقمع والاحتقار.
مؤخرا، أعادت انتفاضة الطوارق بعاصمة الجنوب الجزائري " تمنراست" أواخر يوليوز 2005، المسألة الطوارقية إلى الواجهة بعد خفوت سابق. وكانت آخر المواجهات بين طوارق جنوب الجزائر والدرك الجزائري بتمنراست في مارس 2007 ضد على الخروقات المتجددة التي تمارسها السلطة يوميا من قبيل التهجير لأتفه الأسباب والسجن بتهم الانفصال والتحريض ضد سلطة المركز.
الطوارق بليبيا.. وسياسة إبادة في الصمت
يستعمل القذافي الطوارق في حربه الباردة على الحكومات المالية والنيجيرية وحتى الجزائرية، فمرة يدعوهم لفرص الشغل ومرات يشن بهم حروبا ضد الدول المجاورة، ومرات يحثهم على الاندماج والالتفاف للتنمية، أما الحديث عن طوارق أمازيغ في ليبيا يعد جرم وخيانة لمبادئ الكتاب الأخضر. رغم ذلك استفاد طوارق ليبيا سواء المواطنين منهم أو النازحين لها، هروبا من عمليات القمع التي تستهدفهم في مالي والنيجر والجزائر، من التكوين العسكري بعد مشاركتهم في العديد من الحروب، أفادتهم كثيرا في مواجهاتهم.
لعبت ليبيا أدوار وساطة في توقيع اتفاقيات بين الطوارق ومالي والنيجر، وتحرص ليبيا على ألا تنفرد الجزائر بلعب الدور الحاسم في القضية وتطوراتها. تتنافس ليبيا والجزائر على شمال مالي الغني بمختلف ثروات الارض. وكان لفشل مفاوضات "كاو" بين الطوارق ومالي بواسطة ليبية بعد أشواط ساخنة بين قوات الثوار الطوارق والجيوش النظامية، السبب في فشل جهود ليبيا، فبدأ "توماني توري" استنجاده بوساطة الجزائر لمفاوضات "تمبكتو" للسلام.
بعد أن فطن القدافي لأهمية التنمية الاقتصادية المنشودة من طرف الطوارق، أرسل مبعوثين له إلى مالي والنيجر للاجتماع مع قادة وشخصيات الحركة الطوارقية لتحديد المشاريع التنموية التي تحتاجها منطقتهم، واشترطت ليبيا لتمويل هذه المشاريع، تخلي الطوارق عن سلاحهم وعدم ربط أية علاقة مع الحركات المسلحة، والمساعدة في الحرب على "الإرهاب".
بالرغم من الجهود الحثيثة لمافيات القذافي، انتصر جنرالات الجزائر في فرض مساعيهم بالمنطقة وكان أولى ثمارها اتفاقية بين شركة "سنطراك" الجزائرية وحكومة مالي للتنقيب على البترول في حوض "تودني"، وقبول الطوارق المساعدة في البحث عن قواعد متطرفي الإسلام السياسي الجزائريين "يعني حرب بالنيابة عن الجزائر"، وأفلحت الى حد ما في إبعاد نيران مقاومتهم عن جنوبها الذي تقطنه أغلبية طوارقية تواقة للانعتاق من سلطة المركز الجزائري والى التنمية ورفع التهميش .
بالنيجر ومالي.. لا بديل عن الاستقلال
لا تختلف وضعية الطوارق في النيجر عن إخوانهم في مالي، تهميش واضطهاد مستمر، واتفاقيات "السلام" لم تحترم، والطوارق لم يسلموا بعد أسلحتهم للسلطة المركزية. دفعت الحكومة ببعض الوجوه الطوارقية إلى مناصب وزارية لضمان استمرار حالة من الهدوء في الشمال، لكن المواجهات بين السلطة وثوار الطوارق هي العنوان العريض لطبيعة العلاقة.
في مالي والنيجر حيث أغلبية الطوارق، وبعد تضحيات كبيرة، بدأت الدولتان تعترفان بشكل محتشم بالطوارق كمواطنين كاملي الحقوق، ولم يكن معترفا بهم من قبل، وأصبحت الإذاعة والتلفزة تخص برنامجا وأخبارا بلغتهم "تماشق". وتتزايد المطالبة بالتنفيذ الفعال لتحقيق اللامركزية وتوزيع أفضل للثروات من اليورانيوم والحديد والنفط المستخرج من الأراضي الطوارق. لكن أي شيء من هذا لا أثر له في صحاري الطوارق. تلك الكنوز عليها أيادي امبريالية مباشرة. الطوارق ما من مرة أكدوا أنهم لا يريدون التفرقة وأنهم يريدون الإعتراف بحقهم في الوجود والحقوق الثقافية الاقتصادية والاجتماعية وبمواطنة كاملة في إطار الدولة الحديثة، لكن تعنت الأنظمة واستمرار التجويع وشتى صنوف الاضطهاد يطرح خيار الاستقلال بملحاحية وإن بتفاوت حسب تنظيمات المقاومة وحسب المناطق حيث الطوارق.
يرفض الطوارق الانصياع للحكومات المركزية ، فلم تكن أي من الاتفاقيات الموقعة منصفة لهم، على حد آراءهم، فآخر اتفاقية تم توقيعها بـ"باماكو" بحضور ممثلي دول المنطقة والمغرب وأمريكا ولم تلق حتى طريقها إلى التنفيذ، مما جعل الطرف الطارقي يحتفظ بسلاحه ومقاتليه في عدد من مناطق الشمال، الأمر الذي اعتبرته الحكومة نقصا للاتفاقية وتهديدا للسلام فيما يرى الطوارق بأن احتفاظهم ببعض من قوتهم العسكرية الضامن الوحيد لإرغام الحكومة على تنفيذ اتفاقية السلام. وقد اشترط ثوار الطوارق لتسليم أسلحتهم، منح مقاتليهم رتب عسكرية في الجيشين النظاميين.
موقع التوجه الأمازيغي الكفاحي
الطوارق بالجنوب الجزائري.. بركان نشط