وكالة نواكشوط للأنباء::ونا::
http://www.ani.mr/?menuLink=9bf31c7ff062936a96d3c8bd1f8f2ff3&idNews=11522 أغرب من الخيال.. شاب يعود إلى ذويه بعد أن ضاع وهو صبي قبل ربع قرن وعاش ابنا لأسرة أخرى
العيد عاد لذويه بعد رحلة ضياع تحت اسم سيد ألمين بدأ العيد متحمسا و مزهوا وهو يحكي قصة بحثه عن أهله وتتويج مساعيه بلقائهم أخيرا في قرية تكند بولاية ترارزة، في قصة أقرب إلى الخيال ونسج الأفلام لكنها حقيقة ماثلة بطلها يحكيها كما عاشها ويقول:
( وعيت العالم من حولي وأنا أتبع الغنم في بوادي اطويل بالحوض الغربي... قال لي مالك تلك الغنم إنه أبي وإن زوجته أمي، واسم "سيد ألمين" لم أشك في ذلك لحظة كنت أزاوج بين رعي الغنم ودراسة القرآن الكريم، إذ أصطحب اللوح كل يوم في المسارح وعندما أنتهي من تدبير أمر الغنم في الليل أكتب شيئا من القرآن لأحفظه في الغد وهكذا,, وسرت على هذا الحال إلى أن كان يوم من أيام العام 2000 حيث وقع خلاف بسيط بيني وربة البيت فضربتني ضربا مبرحا وشتمتني قائلة إني لقيط من منطقة الكبلة... لم اكترث بكلامها وإن كنت قد أيقنت أنها ليست أمي..
وعندما عاد رب الأسرة في عطلته السنوية سألته عن هويتي وعن أمي الحقيقية فكرر نفس الإجابة قائلا إن هذه المرأة هي أمي، وعندما قلت أنها ليست كذلك وأيقن أني أدركت هذه الحقيقة، قال إن أمي الحقيقية إمرأة إسمها ... من إحدى قبائل لبراكنه وبالتحديد من منطقة شكار، وحينها طلبت منه أن يصحبني لزيارتها ووعد بذلك على أن يكون ذلك في العطلة القادمة وعندما جاءت العطلة تعلل بأعذار أخرى وأجل الأمر إلى عطلة قابلة وهكذا ظل يماطلني إلى أن توفي في العام 2007... بقيت بعد وفاته أربعة أشهر مع الأسرة أرعى الغنم كالعادة وفي يوم من الأيام قلت أني بحاجة لبعض النقود وأني سأبيع بعضا من هذه الغنم التي أنا من يتعهدها والتي لدي نصيب منها باعتباري أحد ورثة أبي المفترض، وهنا قالت والدة الأسرة، إنه لا حق لي فيها ولا شيء يربطني بها، وتدخل الجيران و طلبوا مني عدم إثارة الأمر على اعتبار أن مناقشتي لهذه القضية الدنيوية الصغيرة مع زوجة أبي أمر غير محبب، واقترح علي أحدهم اصطحابه إلى حيه وتدريس أبنائه مقابل راتب شهري قدره عشرة آلاف أوقية وقبلت على الفور نكاية بهم وسعيا لجعلها هي وأبنائها ( إخوتي المفترضين) يحسون بأهميتي، وكنت أتوقع أن يتبعوني لكن شيئا لم يحدث من ذلك، حيث قضيت مع ذلك الرجل عشرين شهرا (عاما وثمانية أشهؤ) ولم يأتن أي منهم على الرغم من قرب المسافة إذ لا أبعد عنهم سوى خمسة عشر كيلومترا، وهنا تأكدت أنهم ليسوا إخوتي بل و تعزز ذلك لدي عندما تذكرت أني لم أجلس معهم على مائدة أكل واحدة، منذ وعيت، ولم أبت معهم قط على سرير واحد ولم ألبس لباسا كلباسهم، إذ عشت منقطعا من العالم الخارجي، لا يعاملونني كما يعامل الإخوة أخاهم ولا يتعامل معي أي منهم من موقع الندية.
الرجل الذي كنت أدرس له أبناؤه سار معي إلى مدينة الطينطان و أعطاني ما أطالبه به من حقوق، وقال لي إن القبيلة التي قيل إن أمي منها موجودة في مدينة ألاك وعلي أن أتوجه إليها .. سرت إلى ألاك وعندما وصلته أقمت أياما عند أحد أكابر هذه القبيلة وقد أخبرني أن هذا الاسم لا وجود له في مجموعته القبلية. وهنا أدركت أن قولة الرجل كذبة كبيرة وأن ما قالته المرأة من أني لقيط من الكبلة قد يكون جزء من الحقيقة، وذهبت إلى مدينة بو تلميت واتصلت بالدرك وأخبرتهم بقصتي وتركت رقم هاتفي عند رجل من سكان المدينة على أمل أن يجد من يبحث عن ابن مختف او تائه وذهبت من هناك إلى شمامة واركيز واتصل بي الرجل ليخبرني أن أمرتين في بو تلميت كل منهما تبحث عن ابن اختفى منها، فجئت إليه و التقيت بالمرأتين وبعد أن حددت كل واحدة منهن أمارات قلت إن تلك الأمارات لا توجد في، وهنا ذهبت إلى روصو ومن ثم إلى مدينة تكند وقد سجلت قصتي عند الدرك هناك، وطلبت منهم إرسال رسالة توزع حول أرجاء الجمهورية لعل وعسى أن أعثر على أهلي، وعندما رجعت إلى المرأة التي كنت أقيم عندها في تكند جاءت إمرأة فقالت إنها سمعت بقصتي وبأنها تبحث عن أخ لها ضل وعمره ست سنوات عام 1985، وأن به أمارات تعرفها وعندما نظرت إلي وجدت الأمارات وتعرفت علي كما تعرف علي أبي أيضا، وأنا الآن بينهم والحمد لله حيث وجدت الطمأنينة والسكينة التي طالما افتقدتها وأحسست معهم بإحساس غريب وبادلوني نفس الشعور، واكتشفت أيضا أن اسمي "العيد" وليس "سيد ألمين" كما كانوا ينادونني)
هنا انتهت قصة العيد كما يرويها هو، وبحسب أهله فإنه قد ضل "العيد" في يوم مغبر من أيام عام 1985 في منطقة الكبلة وقد بحثوا عنه دون جدوى واستيأسوا وظنوا أنى لا عودة له أبدا، لكنه عاد بعد حوالي ربع قرن من الزمن... لقد أدرك أباه وإخوته أحياء، أم الأم التي تفطر كبدها حزنا وغما لفقدانه وغياب أي خبر عنه، فقد توفيت قبل لقائه، لكنها ظلت حتى آخر أيام حياتها وهي تسأل عنه وتأمل في عودته، وكان أول ما قام به العيد بعد عودته إلى أسرته، زيارة قبرها.
وتبقى أمام "العيد" رحلة جديدة وهي، معرفة كيف وصل إلى تلك الأسرة ولماذا كذبوا عليه واستغلوه ربع قرن من الزمن راعيا وابنا غير معزز ولا مكرم، وهل ستجد العدالة طريقها لينال هذا الفتى حقوقه بعد أن ضاع ربع قرن من عمره تائها لا أصل له ولا فرع.