http://www.hdhod.com/أعراف-البدو-وقوانينهم-في-مهر-جان-وادي-الجمال-الذي-يغطي-معظم-أوجه_a27164.html أعراف البدو وقوانينهم في مهر جان وادي الجمال الذي يغطي معظم أوجه حياتهم الصحراوية
القاهرة - عبير سليمان - يقدر عدد القبائل البدوية المصرية بحوالي أربعة آلاف قبيلة، تنتشر في الصحراءين الشرقية والغربية. وينظر إليهم بشكل عام على أنهم ليسوا من أهل البلاد، وأنهم غالبا وفدوا من بلدان عديدة. فمثلا قبائل جنوب سيناء مثل العليقات، الصوالحة، المزينة وغيرها لها أصول يمنية ونجدية، بينما قبائل شمال سيناء مثل السواركة، الرميلات، والبياضية فأصولها مشرقية وعراقية
من الصعوبة العثور على زواج مختلط بين أفراد تلك القبائل في الصحراء الغربية، وخاصة في واحة سيوه ومرسى مطروح، تعود أصول قبائل مثل كتان، حبون، سينان، والحوته إلى المغرب. أما قبائل المشارقة، والسناكرة المقيمة في أسوان والنوبة، فتعود أصولها إلى نجد والسودان. بينما تنسب قبيلة الجفرة نفسها إلى الإمام الحسين بن علي.
قانون عرفي
جميع هذه القبائل تحل خلافاتها الداخلية والخارجية بقانون عرفي، وهو مجموعة من الأحكام والعادات والتقاليد المتوارثة التي يخضع لها الجميع، كما أن لها قوة إلزام على جميع أفراد هذه القبائل، والتي تحولت مع الوقت إلى قانون اجتماعي ينظم العلاقة بين القبائل، العشائر والعائلات، وذلك بهدف تحقيق العدل والسلام بينهم.
في وادي الجمل وهو محمية طبيعية، يقع على جنوب البحر الأحمر، على بعد 850 كلم من القاهرة، ويمتد على مساحة 7450 كلم مربعا، تشمل ستين كلم على ساحل البحر، وبعمق يصل متوسطه إلى خمسين كلم حتى جبال الصحراء الشرقية، وهو المكان الذي اجتمع فيه ممثلو 47 قبيلة مصرية لتنظيم حفل ثقافي، يغطي كل أوجه الحياة، بما في ذلك الشعر، الموسيقى، الغناء، الرقص، الطعام، الملابس، والنشاطات الرياضية مثل المصارعة، السيجة، وسباق الإبل.
وكان قدماء المصريين قد أطلقوا على الوادي اسم (تاسيت نيفرو)، والذي يعني "مكان الجمال"، لأنه يقع على طرق التجارة القديمة بين مصر والسودان، وبقية أنحاء إفريقيا، حيث تمر قوافل الإبل طوال الوقت. وتحول المكان إلى محمية طبيعية تفاديا للأخطار التي تتعرض لها بعض الحيوانات هناك، مثل الغزال، والوعل النوبي، كما تعيش في مياه البحر الأحمر في المنطقة أنواع من سمك القرش، الدلافين، والسلاحف الخضراء.
الزواج وختان الاناث
يجتمع شيوخ قبائل شمال وجنوب سيناء، مثل قبائل الشرارات، العبادي، البشيرة، سيوه، الفرافرة، والنوبية، على هامش هذا المهرجان لمناقشة العادات والتقاليد، والقوانين العرفية المتعلقة بالقضايا المختلفة التي يتناولونها بالبحث، مثل السرقة، الديون، والزواج. وللقبائل قوانين تعاقب معظمها بالغرامات المالية.
فيما يخص الزواج يصر النوبيون بكل عناد على عدم تزويج نسائهن لغير النوبيين، بينما يزعم أهالي شمال وجنوب سيناء بأن للذكور والإناث كل الحق في الزواج من خارج القبائل، بالرغم من أن نساء سيناء لا يتزوجن من رجال غرباء، ومن الصعوبة العثور على زواج مختلط. وكما في بقية القبائل، يسمح للنساء بالزواج من رجال ينتمون للقبائل أخرى، داخل الإقليم الجغرافي نفسه.
عندما يتعلق الأمر بجريمة قتل، يتفق جميع شيوخ القبائل على أن عقوبة الجاني هي الطرد من القبيلة، بالإضافة إلى غرامة مالية ما بين 40 ألف إلى 50 ألف جنيه مصري. أما الاغتصاب فتنفي جميع القبائل أنه غير موجود بينهم.
تتفق معظم القبائل وخاصة البشيرية على ختان الإناث، وأن الرجل لا يتزوج المرأة غير المختونة، حتى لا تلطخ أسمه بالعار. على خلاف قبائل الفرافرة وقبائل سيوه الذين لا يعرفون ختان الإناث، ولا يفضلون الزواج من نساء مختونات، بينما ترى قبيلة النوبية وبقية القبائل إن الختان يحمي المرأة البدوية، ودليل على عفتها.
التبرؤ
إذا تكررت الجريمة من نفس الشخص، يقرر الشيوخ طرده ويتبرؤون منه. كما يتفق جميع الشيوخ على أنهم سيدفعون غرامة أي عضو في القبيلة، عن طريق جمع قيمتها من أبناء القبيلة، وهذا يشمل جميع أنواع الجرائم التي يعاقب عليها القانون العرفي بالغرامات المالية، وإذا عجز الشخص عن دفع الغرامة، فسيدفعها شيوخ القبيلة ورؤسائها، ويتم استعادتها فيما بعد.
فيما يخص الميراث، يشير الجميع إلى قواعد الشريعة الإسلامية بالخصوص، ويدافع شيخ القبيلة على المرأة في حالة ما اغتصب ميراثها، من طرف أي شخص، سواء كان زوجها أو أخوها. إذا رفض المغتصب أوامر شيخ القبيلة أو مجلسها، عندها يلجأ الشيخ إلى المحاكم المصرية وقوانينها، ويتكفل بكل النفقات القانونية نيابة عن المرأة، والتي تعتبر تحت حمايته، حتى تنتهي المحكمة من النظر في القضية.
الجاهة
هذا العام، اتفق شيوخ القبائل على قانون عرفي جديد يسمى "الجاهة"، والذي يأمل الشيوخ أن يحل مشاكل كبيرة بين الإخوة وأبناء العمومة. ويدافع الشيخ عواد من قبيلة النوبية على هذا القانون لحل أي قضايا معقدة قائلا: "بمجرد إدراك أطراف النزاع أن شيوخ القبائل قطعوا آلاف الأميال فقط ليقدموا المساعدة فإن ذلك سيحل نصف المشكلة، وذلك لأن أطراف النزاع سيقابلون هذه الإيماءة باحترام كبير".
بالرغم من أن القبائل البدوية قدمت إلى مصر منذ 600 إلى 1000 سنة مضت، فهي لا تزال تحتفظ بعاداتها وتقاليدها القديمة، والتي تعود إلى أجدادهم المؤسسين، وبالرغم من اختلاف إرثهم الثقافي، فهم يشتركون في قوانين متطابقة. أغلبية البدو يعودون إلى القانون العرفي، الذي يطبق بصرامة على الجميع، والذي ينظر فيه ما يعرف باسم المجلس العربي، الذي يضم رؤوس العشائر وشيوخ القبائل وحكمائها، والذي تعترف به القوانين المصرية والدستور، كوسيلة لحل النزاعات والخلافات