أكد الصحفي المصري محمد حسنين هيكل أن إسرائيل بدأت عمليتها العسكرية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لأن الأخيرة أصبحت - بالنسبة إليها وإلى الولايات المتحدة- تشكل عقبة أمام تحقيق تسوية في منطقة الشرق الأوسط.
وأبدى هيكل "استغرابه" من موقف الحكومة المصرية إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة، واعتبر أنه ليس من حق الرئيس حسني مبارك أن يضعف مكانة مصر.
وقال هيكل في حلقة خاصة من برنامج "مع هيكل" مساء الأربعاء الماضي إن حماس جاءت عام 2006 بطريقة ديمقراطية وشرعية وفاجأت الجميع، ودخلت في أنبوب مجرى تسوية مفترضة لتسده كليا. وأضاف أن الحركة دخلت الانتخابات لتكشف للعالم مدى قوتها، لكنها وجدت نفسها في السلطة، وكان عليها الوفاء للمصوتين لها. وتابع أن ذلك جعل من الضرورة بمكان فتح هذا الأنبوب المسدود الذي يقف حجر عثرة أمام التسوية التي يراد فرضها على المنطقة وإزاحة حماس، وهنا قررت إسرائيل التكفل بالمهمة، وهو أمر غير جديد لكنه مخطط له.
وأضاف أن إسرائيل استغلت عدة عوامل لتحقيق أهدافها خلال العدوان المتواصل الذي بدأته منذ 27 ديسمبر الماضي ضد قطاع غزّة وأوقع مئات الشهداء والجرحى حتى الآن.
وقال إن هذه العوامل هي أساسا استعداد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير للقتال بهدف استرجاع هيبته وسمعة "الجيش الذي لا يقهر" التي فقدها بعد حرب تموز 2006 ضد حزب الله.
وأضاف أن الاختيار الزمني كان مهما، خاصة أن العملية العسكرية اقترنت بفراغ سياسي في الولايات المتحدة بسبب انتقال السلطة من الرئيس المنصرف جورج بوش إلى المنتخب باراك أوباما، لكنه لم ينف علم الأخير الذي يقضي عطلته في هونولولو بالعملية.
كما أشار هيكل في معرض حديثه عن توقيت العملية إلى تزامنها مع فترة الأعياد والأزمة المالية العالمية، إضافة إلى أن إسرائيل مقبلة على انتخابات حاسمة الشهر القادم سيشتد خلالها الصراع بين وجوه عديدة من الحكومة الحالية التي تقود العدوان على غزة.
وتحدث الصحفي المصري أيضا عن صعوبة المعركة بالنسبة لحماس مقارنة مع حرب إسرائيل ضد حزب الله عام 2006، قائلا إن الطبيعة القاسية والتضاريس ومساندة وتعاطف الجوار الإقليمي (سوريا) كانت عناصر حاسمة لفائدة حزب الله، في حين يختلف الأمر مع حماس المحاصرة في قطاع غزة الصغير والمفتوح التضاريس والمعزول جغرافياً.
وقال في هذا السياق إنه لا يساند ابتزاز حزب الله للدخول في حرب جديدة مع إسرائيل تعاطفا مع غزة، معتبرا أنه على الأمة أن تحافظ على كل مواقع القوة لديها، في إشارة إلى ما حققته المقاومة اللبنانية في حربها ضد إسرائيل.
واستنكر هيكل موقف الحكومة المصرية في أزمة فلسطين "لأنها تنظر فيها بنظرة ضيقة، ولا تنظر لا إلى إستراتيجية عليا ولا إلى أمن على المدى البعيد، ولا إلى أي دور يمكن أن تلعبه مصر في أي مكان".
وأكد أن على مصر أن تفكر في قوتها "الناعمة"، متسائلا "كيف لها أن تدافع عن نفسها في ظل التهديد الإسرائيلي إذا لم تكن لديها مصادر أخرى للقوة، وهي في هذه الحالة حسب اعتقادي لم يبق لها إلا قوتها الناعمة، وهي الآن تبددها تبديدا لا حدود له".
واسترسل بالقول "أنا أختلف مع السياسات المصرية في أشياء كثيرة، وأختلف أيضا مع الرئيس حسني مبارك، لكني لا أستطيع أن أتجاهل أنه في هذه اللحظة من الحياة السياسية لمصر هو عنوان السياسة المصرية، وليس من حق أي أحد أن يتخذ من التصرفات ما يضعف قوة مصر".
وتطرق هيكل أيضا إلى موقف الحكومة المصرية في معبر رفح قائلا "هذا أمر لم أستطع أن أفهمه، ويحرجني كثيرا أن أرى في وسائل الإعلام بعض المساعدات تدخل من المعابر على الجانب الإسرائيلي، والمعبر المصري مغلق بذرائع لا أفهمها ولا أرى لها سببا إلا الابتزاز وإرضاء الأمريكان".