حرصت ميشيل مونتاس، الناطقة باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على التأكيد بأن الموفد الدولي الجديد كريستوفر روس إلى نزاع الصحراء «سيعمل مع الأطراف المعنية والدول المجاورة على أساس قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1813 والقرارات السابقة». ووصفت مهمة الديبلوماسي الأميركي بأنها تنطلق من «التقدم المسجل حتى الآن في سبيل البحث عن حل سياسي عادل ودائم لقضية الصحراء».
وذكرت مونتاس أول من أمس أن بان كي مون «ممتن للموفد الدولي السابق بيتر فان فالسوم على تفانيه في العمل خدمة لقضية الصحراء الغربية التي ترتدي أهمية كبرى». وأفادت مصادر ديبلوماسية في الرباط أن كريستوفر روس سيبدأ مهمته بزيارة استكشافية إلى المغرب والجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف التي تؤوي جبهة «بوليساريو» في جنوب غربي الجزائر للبحث في تحديد موعد لاستئناف الجولة الخامسة من مفاوضات مانهاست التي اتفقت حولها الأطراف كافة، لكنها أرجئت بسبب خلافات حول آلياتها وتقويم نتائج الجولات الأربع السابقة.
وفيما يلح المغرب على أن تكون المفاوضات المقبلة امتداداً للخلاصات التي عبرّ عنها الموفد الدولي السابق فان فالسوم حول استبعاد البحث في استقلال الإقليم كونه «خياراً غير واقعي»، على حد تعبيره، ترى جبهة «بوليساريو» أن أرضية المفاوضات يجب أن تبحث في خيارات ثلاثة هي الاستقلال والحكم الذاتي والانضمام الكامل للمغرب. وتتمسك الرباط بأن المفاوضات يجب ألا تحيد عن اقتراحها منح اقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً، وتستند في ذلك إلى كون اقتراحها يحظى بدعم المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن التي وصفته بأنه «ذو صدقية» ويتسم بالجدية، فيما دعت القرارات نفسها إلى استئناف المفاوضات بـ «روح واقعية».
وكان وفد مغربي رفيع المستوى اجتمع في وقت سابق إلى الأمين العام للأمم المتحدة ونقل إليه وجهة نظر المغرب التي تركز على استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، مؤكداً رفضه العودة إلى نقطة الصفر. وردت جبهة «بوليساريو» بالتهديد بمعاودة حمل السلاح في حال استمرار ما وصفته بـ «العراقيل» التي تضعها الرباط، لكن مراقبين يرون ان الاتفاق على استئناف المفاوضات، في حال تحديد موعدها، سيشكل أول انجاز للموفد الأميركي الجديد كريستوفر روس المعروف بخبرته في التعاطي وقضايا الشرق الأوسط وشمال افريقيا، كونه عمل مستشاراً سامياً للبعثة الأميركية في الأمم المتحدة، إضافة إلى توليه منصب سفير الولايات المتحدة لدى الجزائر وسورية وعمله في مناصب ديبلوماسية في المغرب والعراق أيضاً. وجاء اختياره من طرف الامين العام بان كي مون نتيجة تجربته في هذا المجال، كونه عاين صدور قرارات مجلس الأمن في ملف الصحراء.
وقامت الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها بمساع عدة لتقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر لتسوية خلافاتهما العالقة، لكنها فشلت في جلب البلدين الجارين إلى مفاوضات سعت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إلى رعايتها في نيويورك في وقت سابق من العام الماضي.
وفي الجزائر، قال مصدر رسمي في وزارة الخارجية الجزائرية لـ «الحياة»، أمس، إن الجزائر كدولة جوار تتمنى أن «يتمكن المبعوث الأممي الجديد من تنفيذ مقررات الأمم المتحدة المتعلقة بحل عادل ونهائي للقضية الصحراوية، عن طريق تمكين الصحراويين من حق تقرير مصيرهم بأنفسهم».
وأضاف: «الجزائر لا تزال متمسكة بمبدأ تقرير المصير وهي دعمت باستمرار حلاً لقضية الصحراء الغربية في إطار وتحت رعاية الأمم المتحدة، وهي تؤيد المسار الذي انبثق عن قرار مجلس الأمن في شأن الحوار بين جبهة بوليساريو والمملكة المغربية وهو القرار الذي يحدد مهمة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة والإطار الذي يجب أن تدور فيه المفاوضات».
على صعيد آخر ذكرت مصادر حزب الاستقلال الذي يتزعمه رئيس الوزراء عباس الفاسي ان أكثر من 4500 شخص يشاركون اليوم الجمعة في المؤتمر الوطني الخامس عشر للحزب تحت شعار «جميعاً من أجل مغرب الاصلاحات». ورأت المصادر في اختيار الشعار دعماً لقيادة عباس الفاسي على رأس حكومة الائتلاف التي تضم الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وتجمع الاحرار ويتوق لاستكمال ولايته الى حين حلول الانتخابات الاشتراعية لعام 2012، فيما ان المؤتمر يسبق انتخابات البلديات التي ستجرى في الثاني عشر من حزيران (يونيو) المقبل، ما يفرض على الاستقلال تعزيز وضعه السياسي الراهن. وقالت مصادر حزبية ان عباس الفاسي استطاع حيازة دعم شخصيات تاريخية في الحزب على رغم الانتقادات التي وجهها ضده قياديون سابقون في الحزب.
ويرغب استقلاليون في الربط بين توقيت انعقاد المؤتمر وحلول ذكرى الحادي عشر من حزيران (يونيو) التي تعتبر تاريخياً إحدى أبرز المحطات في مسيرة الحزب، كونها ترتبط بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في عام 1944، حين كانت كل الفاعليات منخرطة في حزب الاستقلال قبل انشقاقه عام 1959 والذي توج بتأسيس «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية».
وسيحدد المؤتمر وثيقة عمل جديدة اضافة الى تحسين برنامجه السياسي والاقتصادي وتجديد قيادته السياسية، وإن أصبح مرجحاً أن عباس الفاسي الذي حظي بالترشح لولاية جديدة، سيجتاز هذا الامتحان من دون منافسة قوية.