رغم الرهانات والآمال المعلقة على القمة الاقتصادية العربية، التي تنطلق اليوم بالكويت، لتكون البداية الفعلية لحقيق تكامل عربي قادر على مواجهة التحديات وكذا الآثار السلبية التي خلّفتها الأزمة المالية العالمية، إلا أنه بدا واضحا منذ البداية أن الحسابات السياسية سيكون لها تأثير مباشر على ما يمكن أن يتفق عليه القادة العرب اقتصاديا.
الكويت: ع.طاهير
أبدت الكويت تخوّفا بالغا حيال الانقسام العربي الحاصل تجاه التعامل مع العدوان الإسرائيلي مع غزة، إلى جانب سعي أكثر من طرف عربي لاستثمار القمة الاقتصادية العربية للتأثير على صنع القرار عربيا، وأكثر من ذلك فإن السلطات الكويتية أقرّت بوجود بعض التحركات لإفشال القمة التي وضعت لها حسابات كثيرة للخروج بنتائج تكون في مستوى تطلعات الشعوب العربية.
ولذلك، ومن قبيل تحركات الدبلوماسية الكويتية، أبدى رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي في تصريحات تناقلتها الصحافة المحلية الصادرة أمس بقوة، قلقا من الوضع العربي الذي يسبق انعقاد القمة الاقتصادية، وهو الانشغال الذي يتضح في مضمون الدعوة التي وجّهها إلى كافة القادة العرب بقوله: "إن هذا اللقاء العربي له أهمية ومكانة في العالم"، وعليه تابع الخرافي بحرص أنه من الأهمية أن يؤكد القادة العرب هذه المكانة "بالحرص على الظهور أمام العالم بالوحدة والتضامن خصوصا في هذه المرحلة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني لهجمة صهيونية شرسة تستهدف قضيته ووجوده".
وإذا كان اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد الجمعة الماضي قد أدرج موضوع العدوان الإسرائيلي على غزة ضمن أولويات جدول أعمال القمة الاقتصادية العربية التي تنطلق أشغالها اليوم، فإن احتمال امتداد الانقسام حول كيفية التعامل مع هذا الوضع وارد جدا خاصة أمام التحركات المصرية والسعودية لأخذ زمام المبادرة وإجهاض القرارات التي تم اتخاذها قبل ثلاثة أيام في مؤتمر الدوحة التشاوري.
وبين التناقضات العربية التي تبلورت في قمة الدوحة وكذا قمة شرم الشيخ الدولية أو ما يسمى بـ "المبادرة المصرية لإنقاذ غزة" واختلافهما بشأن مصير مبادرة السلام العربية مع إسرائيل، تتأرجح قمة الكويت الاقتصادية، وهو وضع يؤكد أكثر مما سبق مدى الشرخ الذي وصلت إليه الأقطار العربية في تعاملها مع قضاياها القومية، فالتحركات قائمة قبل أيام في كل اتجاه لاستثمار موعد اليوم سياسيا بدل التعامل معه في شقه الاقتصادي بالدرجة الأولى مما يهدّد بإجهاض البيان الختامي من محتواه.
وأمام هذا الوضع "غير المريح"، تسعى الكويت أن تكون القمة الاقتصادية موعدا حاسما لتأكيد حضورها عربيا وذلك من أجل الخروج بتوافق غير مسبوق، ولو أن هذه التطلعات تبقى صعبة التحقّق في ظل هذه الظروف، فقد سبق للدبلوماسية الكويتية وأن تحرّكت بقوة قبل إعلان قطر احتضانها قمة عربية طارئة حول غزة، من أجل عقد قمة تشاورية بين القادة العرب حول الملف ذاته وهو ما يبدو أنها متمسكة به حتى الآن بدليل تصدّر قضية العدوان على غزة أولى محاور النقاش في قمة اليوم.
وبالموازاة مع التحرّك الكويتي الحثيث لتحقيق التوافق العربي المنشود والتزام الحياد الإيجابي في التعامل مع الوضع السياسي الراهن، إلا أن ذلك لم يمنعها من تبني المبادرة المصرية والسعودية حيال ما يجري في غزة، حيث لم يتوان رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وهو يعلّق على هذا الأمر بالإشادة بما أسماه "الدور التاريخي الكبير" الذي تؤديه كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية في مساندة الشعب الفلسطيني وترسيخ التضامن العربي والدفاع عن القضايا العربية.
ومع كل هذا الحراك الدائر، ترغب الكويت أن تحقّق من القمة الاقتصادية هدفين أساسيين، أوّلهما تجاوز الخلافات وإنقاذ الوضع العربي من الانشقاق بالدرجة الأولى لما يسمح بتعبيد الطريق لتوافق في التعامل مع القضايا المصيرية، ثم الخروج بعد ذلك بنتائج ملموسة على المستوى الاقتصادي بالنظر إلى طبيعة القمة في حد ذاتها قصد الخروج بعمل عربي مشترك لتعزيز التكامل اقتصاديا ومن ثمة الخروج بآليات عملية كفيلة بمواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية.