الرئيس المنتخب يستهلّ يومه الرئاسي الأول بمناقشة الوضع في العراق... مليونا أميركي يحضرون تنصيب أوباما غداًواشنطن - جويس كرم الحياة - 19/01/09//لم يكن في حسابات الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان عند مصادقته على اعتبار يوم 19 كانون الثاني (يناير) ذكرى سنوية للداعية الأميركي الأسود المناضل ضد العنصرية مارتن لوثر كينغ، أن تتقاطع هذه المناسبة مع تنصيب باراك أوباما بصفته الرئيس الأميركي الأول للولايات المتحدة من اصل أفريقي. غداً يتحول «حلم» كينغ الى واقع، ويتوج مسيرة الملايين من الجنوب الى الشمال بمحاربتهم العبودية ونضالهم لركوب باصات النقل حتى وصولهم الى رأس الهرم السياسي.
فالاحتفالات بيوم مارتن لوثر كينغ الذي قاد التظاهرات ضد التمييز العنصري في الستينات من القرن الماضي، تحمل الكثير من الرمزية بمصادفتها تنصيب أوباما أول رئيس للبلاد من الأقلية الأفريقية الأميركية. كينغ الذي أطلق التظاهرات لمنح السود أبسط الحقوق المدنية، مثل ركوب الباصات في مونتغومري ألاباما وحق المشاركة السياسية، كان مصيره الاغتيال برصاصة في الرأس في ولاية تينسي الجنوبية في عام 1968، ولم يشهد صعود أوباما وكسره الحواجز العنصرية بانتخابه رئيساً وبنسب تأييد لم تعرفها الولايات المتحدة منذ انتخاب جون كينيدي في عام 1961.
وقوف أوباما غداً على أدراج الكونغرس وتنصيبه الرئيس الـ44 للولايات المتحدة، يتوج المسيرة التي أطلقها كينغ في خطابه التاريخي أمام ربع مليون أميركي في عام 1963 وعبارته الشهيرة: «نحن كنا وسنظل الولايات المتحدة»، «لدي حلم... أحلم أن يأتي يوم... يقوّم فيه كل أسود في هذا البلد، كل فرد غير أبيض في العالم بأسره بناء على ما هو عليه كإنسان وليس على لون بشرته».
وللتأكيد على البُعد التاريخي للحدث، وقف الرئيس المنتخب على أدراج النصب التذكاري لأبراهام لينكولن في واشنطن أمس، وخلفه نصوص محفورة لخطابات للرئيس الراحل الذي دعا الى إنهاء العبودية. واستعاد الجمهور الذي احتشد للمناسبة أمس، خطاب كينغ في عام 1963.
وأضفى أوباما بخطاباته على طريق الوصول الى المدرج، هذه الرمزية التاريخية مؤكداً للأميركيين على ضرورة العمل لصوغ «إعلان للاستقلال» مرة أخرى، ولمواجهة التحديات التي تعترض الولايات المتحدة.
واذ حاول الرئيس المنتخب خفض التوقعات بسبب حجم هذه التحديات وخصوصاً على المستويين الاقتصادي والمعيشي وفي خضم الأزمة الأصعب منذ ثلاثينات القرن الماضي، حافظ على نبرة تفاؤلية تتناغم مع رؤساء سابقين مثل كينيدي وريغان اللذين حاولا استلهام الأميركيين في محطات الحرب الباردة والضائقات الاقتصادية.
وواكبت وصول أوباما الى واشنطن، مشاركة شعبية غير مسبوقة في التاريخ الحديث في حفلة التنصيب، اذ وصل أكثر من مليوني شخص الى العاصمة وغصت الشوارع التي كانت يوماً موقع تظاهرات واعتصامات للسود بعد اغتيال كينغ أو سجن روزا باركس، بأميركيين من مختلف الفئات والأعمار وقفوا في صف طويل أمس على مفارق شوارع «بن علي» و «فلوريدا» ونوادي موسيقى الجاز والمأكولات الشعبية الجنوبية التقليدية لدى السود، والتي توقف عندها أوباما الأسبوع الماضي.
وحظي أوباما قبل 24 ساعة من تنصيبه، بنسب تأييد غير مسبوقة تجاوزت الـ75 في المئة بحسب استطلاع شبكة «فوكس نيوز» الأخير. وتأتي نتائج الاستطلاعات لتعكس مصالحة متأخرة بين الأميركيين وحقبة جديدة تطوي الانقسامات التي رافقت انتخاب جورج بوش الابن والأجواء العنصرية التي أودت بحياة كينغ.
الى ذلك، قال أحد مساعدي اوباما ان الرئيس الأميركي سيعقد بعد غد الأربعاء، في يومه الأول بعد تسلمه المنصب رسمياً، اجتماعاً مع كبار القادة العسكريين لمناقشة الوضع في العراق. وأضاف ان الاجتماع سيضم عدداً من كبار القادة والمساعدين العسكريين، إضافة الى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميرال مايك مولن.
وكان اوباما تعهد أثناء حملته الانتخابية بسحب القوات الأميركية من العراق خلال 16 شهراً، وتعزيز تلك المنتشرة في أفغانستان. وقال اوباما في القطار الذي أقله من فيلادلفيا الى واشنطن أول من أمس: «هناك حرب يجب ان ننهيها في شكل مسؤول»، في إشارة الى العراق، «وحرب يجب ان نخوضها بحكمة»، في إشارة الى أفغانستان.
وقال اوباما لصحيفة «يو اس اي توداي» انه سيجمع في يومه الأول في البيت الأبيض، فريقاً للتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط وقطاع غزة.
وكان اوباما أعلن انه سيصدر أمراً تنفيذياً خلال أسبوعه الأول في البيت الأبيض، بإغلاق معتقل غوانتانامو.
أوباما وبايدن بعد وضع اكليل على نصب الجندي المجهول في آرلنغتون أمس. (أ ب)