جاء يحيى ولد إبراهيم البالغ من العمر 33 عاما إلى مركز الإعلام الدولي بباريس ليروي قصة حياته كرقيق رفقة عدد من الجامعيين ومناهضين للعبودية، ولم يرفع رأسه ولو لحظة واحدة خوفا من أن تصطدم نظرته بنظرة الأخرين.
قرر يحيى الفرار من مستعبديه منذ عشر سنوات بسبب سوء المعاملة. وبالرغم من المسافة الطويلة التي تفصله عن موريتانيا، إلا أنه يخشى العودة إلى بلاده لأن السلطات الفرنسية رفضت تسوية وضعيته الإدارية.
روى يحي ولد إبراهيم قصته للحاضرين بصوت خفيف، وقال لفرا نس 24 إنه ولد عبدا، مشيرا إلى أنه ترعرع "في نظام اجتماعي قائم على الرق وكان والدي وأمي عبدين".
وينتمي ولد إبراهيم إلى مجموعة الأفارقة السود الذين يتراوح عددهم بين 100 ألف إلى 500 ألف شخص ويعمل معظمهم كعبيد لدى "المور" وهي أرقى طبقة اجتماعية في موريتانيا. وكان مكلفا بكل الواجبات اليومية داخل المنزل و خارجه، وأكد أنه كان "يقوم بكل ذلك من دون مقابل ولا أنام إلا ساعات قليلة قبل مطلع الفجر"، مضيفا "كنت أفتقر إلى أدنى حق اجتماعي. كان سيدي ينهال علي بالضرب في حال عدم رضاه بعملي وكان يأمرني بالتزام السكوت حتى لا أوقظ الجيران".
وأمام تردي الأوضاع، قرر يحيى الفرار وكان ذلك في 1999 بالرغم من ارشادات أقاربه الذين نصحوه بالبقاء، ويعلق على ذلك قائلا "لم يتضامنوا معي لأنهم فقدوا كل أمل في الحياة".
السير على الأقدام لمدة يومين
قطع يحي أثناء فراره مسافات طويلة سيرا على الأقدام على القطران الساخن ولم يتلقى أي مساعدة، وبعد يومين قرر العبور إلى أوروبا على متن زورق مع أشخاص أخريين عوضا عن البقاء في مدينة نواكشوط. وبالرغم من اعتماده اسما مستعارا، إلا انه لم يشعر بالأمان في العاصمة الموريتانية.
يقول عبد الله عثمان وهو مناضل ضد العبودية أن على بلاده أن تبذل المزيد من الجهود لحماية الرق الذين يفرون مستعبديهم: "لقد تم تجميد كل الدعوات القضائية التي رفعت من طرف العبيد ضد هؤلاء الناس"، مضيفا "أنه من المستحيل رفع شكوى ضد الذين يمارسون العبودية".
ورغم مصادقة موريتانيا على قانون يمنع الاستعباد في شهر آب/أغسطس 2007، إلا أنه لم يتم إدانة أي موريتاني بتهمة العبودية حتى الآن. وفي نفس السياق، يعتقد يحي ولد إبراهيم أنه من الصعب لرقيق سابق أن يعيش من جديد في موريتانيا لأنه يشعر بأن المجتمع ينظر إليه سلبا".
من جانبه، قال برام ولد عبيد وهو رجل قانون ومناضل:" تقوم حياة الأقوياء وجماعات البربر والعرب على العبودية، لكن القانون الذي يحارب الاستعباد غير مطبق لأن القضاة والإداريين والحكام ورؤساء المدن والأقوياء ينتمون كلهم إلى الطبقة الحاكمة".