قبل الإعلان عن خطته حول التنوع في حرم المدرسة النخبوية "بوليتيكنيك" في إحدى ضواحي باريس، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد كلف لجنة ترأستها الرئيسة السابقة للبرلمان الأوروبي سيمون فاي بمهمة دراسة إمكانية إدخال تعديل على تمهيد الدستور الفرنسي بغية "تأكيد احترام مبدأ التنوع".
لكن التقرير الذي قدمته اللجنة الأربعاء خيب آمال ساركوزي، إذ دعت فيه إلى تعزيز سياسات التنوع الاجتماعي المعمول بها في القانون الفرنسي، في حين رفضت أي تعديل دستوري من شأنه إقامة سياسة تقوم على مفهوم "التميز الإيجابي" الذي يدافع عنه ساركوزي استنادا إلى معايير عرقية.
وفي هذا الصدد يعتبر أليك هارغريفز، مدير المعهد الفرنسي بجامعة فلوريدا، أن "أعضاء لجنة سيمون فاي أكفاء في مجال اختصاصهم، لكنهم ينتمون إلى جيل متجاوز، و بالتالي ليست لهم نظرة حداثية عن واقع فرنسا الحالي".
ردود الفعل حول خطة ساركوزي
نايي باتيلي أحد مؤسسي موقع "دياسبورا أفريكا" اعتبر أن "الإجراءات التي أعلنها ساركوزي تكشف عن رغبته القوية، لكنها غير كفيلة بتغيير الأمور".
ويصب رأي غازي حمادي، عضو بالحزب الاشتراكي المعارض في نفس الاتجاه، إذ يعتبر أن إجراءات الرئيس ساركوزي "غير متناغمة، لأنه في الوقت الذي يدعو فيه إلى إعطاء حظ أكبر للطلبة الحاصلين على المنح في خطته فهو يعمل (من خلال قوانين أخرى) على تخفيض عدد المنح التي تقدمها الدولة للطلبة، كما أن الرئيس الفرنسي يتحدث عن التضامن مع سكان الضواحي في خطته الجديدة، في الوقت الذي يعمل فيه على إلغاء بعض الوظائف ( التي تقدم الدعم لسكان الضواحي من خلال دعم مدرسي لطلبة الأحياء المهمشة).
من جهتها، بدت ليلى لغمارة، مستشارة جهوية بحزب الوسط الجديد أكثر تفاؤلا بخطة ساركوزي واعتبرت أن الرئيس الفرنسي "قدم اقتراحات مهمة واشترط أن تكون فعالة، وهذا يعني أن هذه الإجراءات إذا لم تكشف عن فعاليتها فسيتم إلغاؤها".
فكرة التوفر على إحصاءات وطنية لقياس مدى التنوع داخل المجتمع، كانت الأكثر جدلا في الخطة
من أبرز الاقتراحات التي قدمها ساركوزي في خطته، ضرورة توفر فرنسا على إحصاءات وطنية تمكن من قياس التنوع داخل المجتمع، لتقييم مدى تأخر فرنسا وإنجازاتها في هذا المجال. وقد شدد ساركوزي على ضرورة عدم تصنيف هذه الإحصاءات المجتمع الفرنسي وفق معايير عرقية.
في هذا الإطار يقول أليك هاغريفز إن "الفرنسيين لا يعترضون على إحصاء السكان في فرنسا استنادا إلى معطيات، بل إن الطبقة السياسية هي التي تسوق لهذها الطرح منذ 20 عاما لأنها تجهل كيف ستعترف بالتنوع العرقي للمجتمع الفرنسي".
غازي حمادي يعارض هذا الإجراء بالقول "لا أرى كيف يمكن تطبيقه" على أرض الواقع.
وفي سؤال لقناة فرانس 24 حول مدى تعارض فكرة التوفر على إحصاءات لا تقوم على معايير عرقية مع ملف "إدفيج" الذي اقترحته الحكومة الحالية، وهو ملف أمني يسمح بجمع المعلومات ذات طابع شخصي عن كل فرد، أجاب غازي حمادي "إن هذا الإجراء هو تناقض مع ملف إدفيج الذي يشترط التصنيف بحسب معايير عرقية وجنسية".
تعيين يزيد صابغ مفوضا للتنوع الاجتماعي والمساواة
في الوقت الذي رحب فيه أعضاء الحكومة بتعيين يزيد صابغ، من أصل جزائري، مفوضا للتنوع الاجتماعي والمساواة، اعتبر غازي حمادي عن الحزب الاشتراكي المعارض أن تعيينه "نموذج للتناقض والنفاق" في سياسة ساركوزي. إذ يعتبر أن يزيد صابغ "إذا تمكن من الوصول إلى ما وصل إليه من رقي اجتماعي، فذلك بفضل الدعم المدرسي الذي تلقاه عندما كان صغيرا في ضاحيته، وهي الخدمة ذاتها التي يسعى وزير التربية الوطنية الحالي في فرنسا كسافيي داركوس إلى إلغائها" من خلال خطة إصلاح التعليم التي واجهت معارضة شرسة من طرف النقابات وتلامذة الثانويات.