لندن (رويترز) - بعد 20 عاما من أول تجارب للعلاج بالجينات الوراثية ربما تصبح التكنولوجيا الطبية الجديدة حقيقة تجارية.
ولكن مسيرة شركتين تخصصتا في التكنولوجيا الحيوية احداهما بريطانية والاخرى امريكية تشير الى ان الطريق ليس ممهدا.
فقد سمحت السلطات الفرنسية في الاسبوع الماضي بوصف عقار تجريبي من انتاج شركة ارك ثيرابيوتكس في بريطانيا لعلاج مرضى نوع معين من سرطان المخ رغم عدم اقرار استخدامه بصفة عامة.
وعززت الانباء الامال في ان تقر وكالة العقاقير الاوروبية استخدام عقار سيريبرو الذي تنتجه الشركة وذلك في انحاء الاتحاد الاوروبي في النصف الثاني من العام الجاري.
وعلى النقيض من هذا تقدمت شركة انتروجين ثيرابيوتكس الامريكية التي كانت تتنافس لتكون صاحبة أول علاج بالجينات يتم اقراره في الاسواق الغربية بدعوى لاشهار افلاسها في ديسمبر كانون الاول بعد أن منيت تجاربها على عقار ادفكسين لعلاج السرطان بانتكاسة امام الجهات الرقابية.
وذكرت دورية العلاج بالجينات Journal of Gene Medicine ان العقدين الاخيرين شهدا اكثر من 1470 تجربة اكلينيكية شملت علاجا بالجينات وان ثلثي التجارب استهدفت مرض السرطان.
ولكن العقار الوحيد الذي نزل الاسواق حتى الان يعالج سرطان الرأس والعنق وهو من انتاج شركة شنتشن سيبيونو جينتك الذي اقرته الصين في عام 2003 بناء على بيانات يعتقد معظم العملاء انها ما كان يمكن ان تدعم اقراره في الغرب.
واكتسبت فكرة استخدام الجينات الوراثية لعلاج الامراض مصداقية في عام 1990 حين حققت أول تجارب اكلينيكية نجاحا في علاج حالة نادرة ناجمة عن وجود جينات بها عيوب خلقية تسبب نقصا حادا للمناعة.
ويعجز من يعانون من هذه الحالة عن مقاومة اي عدوى وغالبا ما يتوفون في طفولتهم.
وتعرض هذا القطاع لانتكاسة اثر وفاة مراهق في اريزونا اثناء تجربة للعلاج بالجينات في عام 1999 واصابة طفلين فرنسيين مصابين بهذه الحالة النادرة بسرطان الدم في عام 2002 .
غير ان الاطباء حققوا تقدما مشجعا في الاونة الاخيرة.
وفي العام الاخير اعلن فريقان اكاديميان منفصلان نجاحا في استخدام الجينات في علاج نوع من العمى الوراثي.
وفي الشهر الماضي خلصت دراسة موسعة لمتابعة الاطفال المصابين بنقص المناعة الحاد الى ان ثمانية من العشرة الذين تم علاجهم شفوا من المرض مما دفع دورية نيو انجلاند الطبية New England Journal of Medicine لاعلان ان العلاج بالجينات "حقق ما وعد به".
وقال تيري فاندن دريش رئيس الجمعية الاوروبية للعلاج بالجينات والخلايا "كانت هناك نكسات ولكننا نحقق تقدما اخيرا."
وتابع "تم تحسين ادوات توصيل الجينات للخلايا وأضحت اكثر امنا وكفاءة وبدأنا نجني ثمار ذلك في المستشفيات."
ويعتقد نيجل اركر الرئيس التنفيذي لارك ان شركته تقود الركب فيما سيصبح احد فروع الطب الرئيسية الجديدة. وهو يهون من امر نكسات الماضي قائلا انها نقاط تعلم حتمية لأي تكنولوجيا جديدة.
ويقول "اذا فكرت في المدة التي يستغرقها وصول فكرة اي علاج جديد للسوق.. نحو 20 عاما. لذا الامر لا يختلف كثيرا عن اي دورة عادية لدواء ما."
ولا يزال محللو الصناعة منقسمين بشأن مدى النجاح التجاري لعقار سيريبرو وغيره من الادوية التي تعتمد على الجينات.
يقول سمير ديفاني المحلل في نومورا كود "نقترب بكل تأكيد ولكننا لم نصل بعد." وتوقع ان تبلغ ذروة مبيعات سيريبرو على مستوى العالم 250 مليون دولار سنويا.
وأبدى بول كودون من كيه.بي.سي تشككا اكبر بشأن مستقبل العقار انتظارا لصدور البيانات الكاملة للمرحلة الثالثة من التجارب.
واحدى العقبات الرئيسية للعلاج بالجينات هي توصيل الجين المعالج للمكان المطلوب في الجسم.
وغالبا ما يستخدم فيروس كحامل للجين ولكن الفيروسات يمكن ان تسبب رد فعل مناعيا خطيرا وتضر بالتحورات الجينية اذا ما اتحدت مع الجزء الخطأ من الجينات. كما أن من الصعب توجيهها على نحو يتعذر معه ضمان وصول الجينات للاجزاء المطلوبة من الجسم.
ويعمل سيريبرو عن طريق الحقن في المخ الذي ينقل جينا يفرز البروتين الذي يتفاعل مع عقار مضاد للفيروسات لافراز مادة كيماوية تقتل الخلايا السرطانية. وهذا يجعل عقار ارك علاجا مؤقتا.
وقال بايبر جافراي المحلل في سام فازيلي "اذا اقر استخدام سيريبرو في اوروبا.. فلا اعتقد انه سيغير طبيعة المخاطر لاي علاج اخر بالجينات لان هذه المنتجات لاغراض محددة جدا."
من بن هرشلر