كشف وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أن الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس خلص عبر المحادثات التي أجراها في المغرب الى «ضرورة تفعيل وتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1813» حول الصحراء. وأضاف ان الزيارة مكنته من «الخروج بانطباعات تتمثل في الإجماع الوطني الحاصل حول القضية». وأشار الى أن الموفد الدولي «لا يتفهم الربط الذي تقيمه الجزائر بين ما هو ثنائي محض، من قبيل تطبيع العلاقات الثنائية وفتح الحدود، وبين تطور ملف الصحراء»، بيد أنه عبر عن رغبة بلاده في «فتح مخيمات تندوف في الجزائر لتكريس المصالحة والتواصل بين الأهالي». وقال إن جبهة «بوليساريو» ليست بتاتاً «الممثل الشرعي أو الوحيد لسكان الصحراء، بل على عكس ذلك هناك غالبية مغربية نشيطة»، في إشارة الى المتحدرين من أصول مغربية الموالين للسلطات المغربية.
ورأت مصادر في الرباط أنها المرة الأولى التي يعرض فيها مسؤول مغربي إلى توزع السكان الصحراويين بين المغرب ومخيمات تندوف، ما يشير الى أن مشاركة رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي خلي هنا ولد الرشيد في جولات مفاوضات مانهاست السابقة كان انطلاقاً من تمثيل المجلس لفئات واسعة من الأهالي، وإن كانت «بوليساريو» انتقدت تلك المشاركة، ورفض الوفد الصحراوي الى المفاوضات مصافحة خلي هنا ولد الرشيد الذي كان يتزعم حزب الاتحاد الصحراوي قبل انسحاب اسبانياً من الساقية الحمراء ووادي الذهب في عام 1975.
الى ذلك قال الوزير الفاسي أمام مجلس حكومي أول من أمس إن المغرب يؤكد على ضرورة تحضير الجولة الخامسة من المفاوضات «تحضيراً جيداً يحتم انخراط الأطراف الأخرى فيها بروح ايجابية»، فيما أعلن وزير الداخلية شكيب بن موسى، العضو المفاوض في الوفد المغربي الرفيع المستوى، أن الحكم الذاتي الذي عرضته بلاده «لا معنى له إلا في اطار حل سياسي وفاقي» وأنه يندرج في نطاق الاصلاحات التي أطلقها المغرب في أفق تنظيم جهوي يشمل كل المحافظات ويتيح لسكان الاقاليم الصحراوية تدبير شؤونهم المحلية بكل حرية.
وبالارتباط مع ذلك، قالت وزارة الخارجية الاسبانية إن كاتب الدولة الاسباني في الخارجية انخيل لوسادا أبلغ الموفد الدولي كريستوفر روس أن مدريد منخرطة «بفعالية وحزم» في جهود حل قضية الصحراء، من خلال مساعدة الأطراف المعنية على التوصل لاتفاق عادل ودائم يحظى بقبولها «ويضمن التعبير الحر عن الإرادة»، فيما وضع روس المسؤولين الاسبان في صورة نتائج زيارته الاستكشافية التي شملت المغرب ومخيمات تندوف والجزائر ضمن أجندة اتصالات أولية للبحث في إمكان استئناف المفاوضات. وكانت حكومة مدريد عبّرت عن دعمها لجهود الموفد الدولي الجديد، غير أن رئيس ديبلوماسيتها انخيل موراتينوس رأى أن أي حل قريب لا بد أن يمر على مدريد وباريس وواشنطن، في اشارة الى قيام تفاهم دولي حول صيغة الحل السياسي الذي يتبناه مجلس الأمن. وقال موراتينوس إنه سيعمل خلال رئاسة بلاده الاتحاد الأوروبي في دورته المقبلة على تفعيل هذه المساعي التي تتم بتنسيق كامل.
ومن المتوقع أن يكون كريستوفر روس وصل إلى باريس بعد ظهر أمس الجمعة، في إطار جولته الأولى على الدول المعنية بنزاع الصحراء. ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية إريك شوفاليي أن زيارة روس ستشكل مناسبة لتذكيره بموقف فرنسا بخصوص مخطط الحكم الذاتي المغربي.
وقال شوفاليي خلال لقاء صحافي أمس: «سنطلع السيد روس على موقف فرنسا المعروف جيداً بخصوص مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب»، مؤكدا أن «قرار مجلس الأمن الرقم 1813 يقدم الإطار الذي يتعين تسوية نزاع (الصحراء) داخله».
واشارت الوكالة إلى أن الناطق الفرنسي كان صرّح، الأربعاء، بأن مخطط الحكم الذاتي «يشكل قاعدة للتفاوض، بين الأطراف، من أجل التوصل إلى حل متفاوض بشأنه ومعقول، في إطار الأمم المتحدة». كما ذكّر بأن مجلس الأمن، وبمصادقته على القرار 1813 في نيسان (أبريل) 2007 «دعا الأطراف إلى التحلي بالواقعية وروح التوافق قصد الوصول بالمفاوضات إلى مرحلة مكثفة وجوهرية».
على صعيد آخر انتهت اجراءات التعاون بين المغرب واسبانيا في ملف الناشط سعد الحسيني الذي دانته محكمة الجنايات المكلفة ملف الإرهاب بالسجن 15 سنة بتهمة تشكيل عصابة اجرامية في اطار مشروع جماعي يطاول المس الخطير بالنظام. ودانت خمسة متهمين آخرين بالسجن ثماني سنوات، كما قضت بسجن متهم واحد خمس سنوات. وكان الادعاء العام وجّه الى سعد الحسيني تهم الضلوع في الانتساب الى «الجماعة الاسلامية المقاتلة» المغربية، اضافة الى تورطه في الهجمات الانتحارية في 16 أيار (مايو) 2003 في الدار البيضاء، وكان ينظر الى الحسيني الذي اختفى عن الأنظار منذ تلك الهجمات أنه العقل المدبر، اضافة الى توفره على خبرة في صنع المتفجرات، كونه يحوز شهادة في علوم الكيمياء. وسبق للقاضي الاسباني المكلف ملف الإرهاب غارسون بالتزار أن زار المغرب للاستماع الى افادات الحسيني وأخذ عيّنة من حمضه النووي للاشتباه في ضلوعه في تفجيرات قطارات مدريد.