فيينا (6 آذار/مارس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
فشل مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التوصل إلى حلٍ توافقي بشأن تطبيق نظام الضمانات في كلٍ من إيران وسورية نظراً لعدة اعتبارات، أهمها اتساع فجوة الخلافات بين الدول الأعضاء الذين انقسموا إلى تيارين متناقضين ومتباعدين تماماً حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، حيث أكد مندوبو دول التيار الغربي أن الكثير من الشكوك ما تزال تعتري الطابع السلمي للأنشطة النووية الإيرانية، وخصوصاً فيما يتعلق بعمليات تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة وإنتاج وتركيب أجهزة الطرد المركزي التي وصلت إلى حوالي ستة آلاف جهاز، بالإضافة إلى عدم تسوية كافة المسائل العالقة وعدم التعاون الكامل والشفاف مع الوكالة، في حين أكد مندوبو حركة عدم الانحياز حق إيران غير القابل للتصرف باستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية وباشراف الوكالة الذرية. وفي ضوء هذا الفشل واستمرار تفاقم الخلافات، تقرر أن يظل الملف النووي الإيراني مدرجاً في جدول أعمال الاجتماعات المقبلة لمجلس المحافظين لحين صدور قرار جديد من قبل مجلس الأمن، ولحين تسوية كافة المسائل العالقة والوصول إلى درجة عالية من الثقة واليقين بأن برنامج إيران النووي مكرّس بالفعل للأغراض السلمية والتنموية

وحسب البيان الرئاسي الذي أصدرته رئيسة مجلس المحافظين السيدة طاووس فيروخي في ختام اجتماع المجلس ظهر اليوم، فقد عبّرت عدة دول غربية أعضاء عن "القلق الشديد" نظراً لكون الوكالة ما تزال في وضع غير قادرة على تحديد طبيعة برنامج إيران النووي، وأشارت إلى أن التقرير الأخير للمدير العام كان مشابهاً لتقريره السابق، بينما توقف مندوبو دول أخرى عن بيان الوكالة الذي يشير إلى أنه "ولكي تكون الوكالة قادرة على إعطاء التأكيدات بشان غياب مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران، ينبغي على إيران أن تبادر إلى تطبيق البروتوكول الإضافي وتسوية كافة المسائل العالقة التي ما تزال تثير الشكوك حول احتمال وجود أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني" حسب البيان

كما عبّر مندوبو نفس الدول عن "الأسف تجاه ضعف مستوى تعاون إيران بشأن توضيح عددٍ من المسائل، وطلبت من إيران بتزويد الوكالة بأجوبة وافية على كافة الأسئلة ذات الصلة". في حين حثّت دول غربية أخرى إيران على تزويد الوكالة بالمعلومات المطلوبة حول طبيعة بعض الأنشطة والمعدات النووية ومصادرها، بالإضافة إلى الوثائق ذات الصلة ومقابلة بعض الأفراد، باعتبارها عناصر أساسية تساعد الوكالة على تحديد آفاق البرنامج النووي الإيراني وتعزيز بناء الثقة بطبيعته السلمية

وفي المقابل، ذكّرت عدة دول أخرى تنتمي لحركة عدم الانحياز، بأهمية موقف الوكالة الذي يؤكد أن كافة المواد والأنشطة النووية المعلنة في إيران جرى حصرها، ورأت أن عمل الوكالة بشأن التوصل إلى استنتاجات تتعلق بغياب مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران هي عملية مستمرة. ولاحظت نفس الدول باهتمام بالغ تأكيد المدير العام بأن الوكالة لم تعثر على مؤشرات بخصوص أنشطة جارية لإعادة المعالجة في المرافق النووي الإيرانية. كما عبّرت عن دعمها لطلب المدير العام بشأن الدول التي سلمت الوكالة بعض الوثائق المتصلة بـ "الدراسات المزعومة"، ينبغي أن تخول الوكالة مشاركة إيران لتلك الوثائق. وحذر مندوبو تلك الدول من "مغبة خلق العقبات التي ربما تمنع تطبيق عملية التحقق برمتها في إيران" حسب تعبيرها

كما أبدت دول أخرى أعضاء في حركة عدم الانحياز، فكرة تفيد أن تقرير المدير العام للوكالة الذرية لم يقرّ بالشكل المطلوب بالتعاون الذي أبدته إيران مع الوكالة والمفتشين، وأكدت أن الوكالة لم تتحرى استعمال المواد النووية ذات الصلة بالدراسات المزعومة. وأكد البيان الرئاسي أن دولاً عدة عبرت عن فكرة تأخذ فيها بعين الاعتبار تلك التطورات، وأهمية ما جاء في تقرير المدير العام حول تطبيق خطة العمل، وطالبت الوكالة المباشرة بتطبيق الضمانات في إيران بشكل روتيني

وفي المقابل أيضاً، لاحظت عدة دول غربية عدم احراز تقدّم بشأن طلب الوكالة من إيران إعادة النظر بقرارها، وتجميد أنشطة التخصيب، وعدم تزويد الوكالة بالوثائق والتصميمات المعتمدة في مفاعل الأبحاث والتطوير. كما أبدت عدة دول غربية أخرى "القلق البالغ" لعدم التزام إيران بتطبيق التوصيات الواردة في قرارات مجلس المحافظين وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأشارت إلى أنه "وعلى عكس ذلك، واصلت إيران بزيادة قدرات التخصيب وإمكانياتها، والعمل في مفاعل الماء الثقيل". وحثّت تلك الدول إيران على ضرورة تطبيق التوصيات الدولية". في حين أكدت دول عديدة أخرى تنتمي إلى حركة عدم الانحياز أن الوكالة هي السلطة المتخصصة الوحيدة المؤهلة للقيام بأعمال التحقق النووي حسب اتفاقات الضمانات المبرمة بينها وبين الوكالة بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأن الوكالة ينبغي أن تواصل عملها لتسوية المسالة النووية الإيرانية. كما شدّدت نفس الدول على فكرة أخرى تؤكد أنه لا يوجد أي مسوّغ قانوني يجيز نقل ملف البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن

وعبّرت دول غربية عديدة عن "القلق" لكون إيران البلد الوحيد الذي يبني، وربما يشغّل مصنع للطاقة النووية بدون أن تكون عضواً في اتفاقات الأمن والأمان النوويين. بينما أكد مندوبو دول حركة عدم الانحياز على "الحق الأساسي وغير القابل للتصرف" لجميع الدول الأعضاء باستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية. كما أكدت عدة دول أخرى من نفس الاتجاه على الفرق بين إجراءات بناء الثقة التطوعية وبين تعهدات الضمانات المُلزمة قانونياً. وكررت عدة دول عربية وإسلامية تأكيد دعمها لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وشدّدوا على القول بأن "أي هجوم أو تهديد بالهجوم على أية منشآت نووية سلمية، يشكل خطراً كبيراً وخرقاً صارخاً للقانون الدولي والمعاهدات الدولية". كما عبرت عدة دول في حركة عدم الانحياز عن رفضها التام لممارسة أية ضغوط أو أي تدخل بشؤون الوكالة، وخاصة بعمليات التحقق، وحذرت من مغبة عرقلة فعالية الوكالة ومصداقيتها. وأعترف البيان الرئاسي بأن مسألة "تسريب المعلومات السرية" ذات الصلة بتطبيق الضمانات، كما طرحت شكلت مصدر قلق

ورأت رئيسة مجلس المحافظين أن الحاجة المستمرة للمباحثات الشاملة والحوار بين كافة الأطراف المعنية والتي تشمل كافة القضايا، كما بينها مجلس الأمن، فقد تمّ التأكيد عليها كوسيلة للتوصل إلى حلٍ دائم للمسألة النووية الإيرانية. وتطرق البيان الرئاسي إلى البيان الذي وزعه مندوبو الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، وأشار إلى أنه "تمّ حثّ جميع الدول المعنية على المساهمة بشكل إيجابي في دعم هذا الاتجاه". وفي هذا أشار البيان الرئاسي إلى أن العديد من الدول الأعضاء عبّرت عن وجهة نظر تفيد أن "كافة الأطراف المعنية ينبغي ان تتجنّب ممارسة أي نوع من الضغوط التي من شأنها ان تعيق المباحثات البناءة". كما رحبّت دول عديدة بتطوير منهج واضح للحوار مع إيران، في حين طالبت دول أخرى إيران النظر بإيجابية إلى العرض الذي قدمته مجموعة الدول الست. وأكد البيان الرئاسي أن مجلس المحافظين وافق على طلب يقضي بتعميم تقارير المدير العام المتعلقة بإيران على الرأي العام

وبعد انتهاء اجتماع مجلس المحافظين، عقدت الأمانة العامة للوكالة الذرية اجتماعاً لمندوبي الدول الأعضاء خصص لمناقشة مستقبل الوكالة وسبل مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة