إذا امتلكت إيران النووي وانسحبت أمريكا من العراق فقد نواجه حروبا لعقود

مدير مركز كارنيجي للسلام في الشرق الأوسط الدكتور بول سالم لـ''الخبر''

إذا امتلكت إيران النووي وانسحبت أمريكا من العراق فقد نواجه حروبا لعقود

أمريكا ستتعامل مع حماس من خلال حكومة وحدة فلسطينية

يعتقد مدير مركز كارنيجي للسلام في الشرق الأوسط، الدكتور بول سالم، أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تضغط بخجل، على حلفائها العرب، لتوسيع المشاركة السياسية والتراجع عن الخيارات الأمنية، لأنها تخشى خسارة أي حليف لها في توتر سياسي كبير. من جانب آخر، يرى أن أمام العرب فرصة لإقناع أوباما بجدوى نظام عالمي أكثـر استقرارا وأمنا، يكون في صالحهم.

هل تقدمت سوريا بما يكفي لانتزاع انفتاح غربي عليها يضمن مصالحها؟

الصراع أساسا مع إسرائيل ويطال في جزء منه الغرب لكن أمريكا وليس أوروبا.. وهذا جوهر فهم محاولات سوريا الانفتاح على أمريكا، فهي تحاول التطبيع معها، والوصول لسلام مع إسرائيل واسترداد الجولان، والاعتراف بدورها في المنطقة ضمن حدود معينة. وضمن هذا يندرج تحالفها مع إيران، وهو قوي ومتجذر منذ الثمانينيات لكنه عرضة للتخفيف؛ فسوريا تريد الوصول لموقع معين يشبه الموقع التركي، ومن هنا سر القرابة مع أنقرة، وإن استطاعت ذلك فستكون قد حافظت على علاقات جيدة مع إيران، لكن لا تقتصر فقط عليها. أما وضعها في لبنان فقد تبدل جذريا نتيجة الضغط الأوروبي وما تلا اغتيال الحريري.
وهل تستطيع سوريا أن تدير هذا الانفتاح مع الإبقاء على علاقات ثابتة مع حزب الله وحماس ومع إيران؟
سوريا تريد علاقات جيدة مع السعودية والدول العربية، وأمريكا وإيران وأوروبا، والمشكلة مع حزب الله تحديدا، لأن العلاقة مع حماس ليست عضوية قوية، ووجود قيادتها في دمشق ليس استراتيجيا كليا بالنسبة لمصيرها، لأنه متعلّق بجغرافية غزة، ويعتمد عليها وعلى ضبط التهريب من عدمه والدور المصري.. لكن سوريا هي العمق الاستراتيجي لحزب الله، وهذا هو تحدي تحسن العلاقات الأمريكية السورية، والسلام مع إسرائيل. وهنا عدة احتمالات، فإذا دخلت أمريكا وإسرائيل في مفاوضات مع سوريا، وحصل تقدم، وفي نفس الوقت تقدمت مفاوضات أمريكية إيرانية، إذا اقتنعت إيران بأن لها ما يكفي من المكاسب في العراق والخليج ورفع العقوبات، فقد تفاوض على دور حزب الله العسكري والإقليمي، وسبق أن عرضت هذا. أما إذا تقدم المسار السوري الإسرائيلي والأمريكي وتعثر المسار الأمريكي الإيراني، فستكون سوريا في مأزق.
هل بدأت سياسة التفاهم الأمريكي مع روسيا على إيران؟
لم تبدأ بعد، لأن الوقت مبكر للإدارة الجديدة، وتوجد مشكلة لتحديد المفاوض مع إيران، وهي تجمع أوراق الضغط ضدها، وربما تفضّل تأجيل الأمور إلى ما بعد الانتخابات الإيرانية للتفاوض مع حكومة أكثر اعتدالا. لكن أوباما يريد فتح صفحة جديدة مع روسيا والتفاهم معها بشأن آسيا الوسطى والدرع الصاروخية، خاصة مع انهيار أسعار النفط والغاز والأسواق المالية الروسية وتدهور الوضع في الأربعة أشهر الماضية؛ فروسيا بعد حرب جورجيا ليست هي روسيا اليوم، وهي بحاجة إلى تفاهم مع أوروبا وأمريكا، وأمريكا تطمح لمساعدة روسيا لها في الملف الإيراني.
لماذا يتخوّف العرب من الانفتاح الأمريكي على إيران؟ وما الذي يتبقّى لهم من دور في حال حصول ذلك؟
التفاهم الأمريكي الإيراني واستقرار الوضع في العراق يريحان دول الخليج، لكن ما يخيفهم هو صفقة على حسابهم، لكني أستبعد ذلك كليا. والخوف أيضا من انسحاب أمريكي من العراق، يتركهم وحدهم أمام إيران. ويخيفهم أيضا أن تدخل إدارة أوباما في مفاوضات عقيمة مع طهران، وبعد بضع سنوات تأتي إيران لتعلن امتلاكها السلاح النووي، وهذا سيناريو موجود.
وإيران اليوم أمام خيارين؛ إما أن تعقد صفقة تاريخية مع أمريكا لتثبت أمنها ونفوذها كدولة صاعدة في المنطقة، وهذا موجود لدى بعض القادة المعتدلين، وإما خيار المنطق الأوحد، الذي تقدم في الفترة الأخيرة بالعراق وسوريا ولبنان وغزة، وقد يتقدم في الضفة الغربية. لكن برأيي أن دول المنطقة بإمكانها التفاهم على نظام يضمن الاستقرار والمصالح المشتركة، ومن هذا المنظور، أتخوف من مرحلة حروب جديدة دولية وأهلية. وربما إدارة أوباما أكثر اقتناعا بأن مصلحتها تقرأ ضمن منظومة عالمية مبنية على توازنات فعلية، وهي فرصة للمنطقة لتحاول بلورة نظام لمصلحتها، يقنع أمريكا بجدوى هذا النظام.
إذا حصل تفاهم أمريكي إيراني مريح لدول الخليج، هل سيزول الحديث عن الخطر الشيعي؟
لا شك في أنه سيخف، لأن التوتر الطائفي في دولنا حيثياته في الدول التي يوجد بها، ففي لبنان إذا سوّيت الأمور بين إيران وأمريكا والسعودية، سيخف التوتر ولن يكون دوليا.
قلت سابقا إن هناك صراعا بين حركات أصولية والأنظمة، وبين حركات تناضل من أجل الديمقراطية والأنظمة. أين تصنف حزب الله وحماس؟
حزب الله وحماس هما ضمن حالة مواجهة مع إسرائيل وهدفهما الرئيسي المقاومة.
لكنهما في صراع مع نظاميهما؟
في لبنان حزب الله في علاقة معقدة مع الدولة، وهذا موضوع نقاش اليوم على طاولة الحوار، وهي معضلة من المعضلات اللبنانية، ليس كما كانت مثلا الحركات الجهادية في مصر أو كما حدث في الجزائر وفي تونس. أما في فلسطين، فلا يوجد مواجهة مفتوحة بين حماس والسلطة، وليس بينهما خلافات إيديولوجية بقدر ما هو اختلاف جذري في وجهة السياسة.
من منظور هذا الاختلاف، هل يمكن أن توجد أمريكا طريقة ما للتعامل مع هذين الحزبين؟
نعم، إدارة أوباما لا تنظر إلى كل المنظمات الإسلامية المقاومة على أنها إرهابية، كما فعلت إدارة بوش، فهي تدرك أنهما فاعلان سياسيان في مجتمعيهما ولا مجال لتغييبهما تماما. لكن الكونغرس يعتبرهما إرهابيين، لذلك تحاول الدبلوماسية، واستطاعت لحد ما، التواصل معهما والاعتراف بدورهما بشكل آخر، فهي تتعاطى مع حكومة لبنانية، بها أعضاء من حزب الله، لكن لا تجتمع مباشرة مع عضو من الحزب. وتوجد إمكانية أن تفعل نفس الشيء مع حماس، عبر المصريين مثلا، إذا ما شكلت حكومة وحدة فلسطينية. وهذا نوع من ورقة التين التي قد تستعمل.
أما الإسلام السياسي، فلا أعتقد أن إدارة أوباما تضع الديمقراطية كأولوية كبيرة، ربما ستذكّر وستضغط بخجل على حلفائها نوعا للتراجع عن الخيارات الأمنية، لأن تليين موقف هذه الأنظمة يعزز استقرارها، وهي تخاف أن تخسر حليفا لها في توتر سياسي ما.

المصدر :أجرت الحوار: كوثر عبد الله

إذا امتلكت إيران النووي وانسحبت أمريكا من العراق فقد نواجه حروبا لعقود

إذا امتلكت إيران النووي وانسحبت أمريكا من العراق فقد نواجه حروبا لعقود :: تعاليق

إذا امتلكت إيران النووي وانسحبت أمريكا من العراق فقد نواجه حروبا لعقود

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة