|
| |
| المتهم وزوجته روزماري | | |
بعد محاكمة استمرت أربعة أيام في القضية التي عرفت باسم "قبو الرعب"، أصدرت محكمة نمساوية في 19 مارس حكما بالسجن مدى الحياة على النمساوي جوزيف فريتزل المتهم باحتجاز ابنته في قبو لمدة 24 عاما واغتصابها وإنجاب سبعة أطفال منها ، وبهذا الحكم يتم إسدال الستار على قضية جوزيف فرتزل "73 عاما" التي أثارت موجة من الاشمئزاز عبر النمسا وفي أنحاء العالم.
والحكم الذي قوبل بارتياح عام هو أكبر حكم في النمسا التي لا تقر عقوبة الإعدام ، وبمتقضاه سيتم وضع فريتزل بسجن خاص للمجرمين الغلاظ الذين يعانون انحرافات نفسية .
وفور صدور الحكم ، عبرت ابنته المغتصبة ، التي تعرضت لتجربة قاسية ، عن أمنيتها ألا يخرج والدها من السجن أبدا ، فيما أعرب فريتزل عن إحساسه بالندم لما اقترفه بحق أسرته .
ومن جانبه ، كشف محامي المتهم رودلف ماير أن فريتزل أدين بتهم القتل والاستعباد وسفاح القربى والاغتصاب والحرمان من الحرية وحكم عليه بأقصى عقوبة وهى السجن مدى الحياة لأن النمسا تحظر عقوبة الإعدام ، مشيرا إلى أن شهادة ابنته المسجلة كانت الشهادة الوحيدة للضحايا التي استند إليها المحلفون لإدانة المتهم ، وذلك بعد أن رفض أفراد أسرته الادلاء بشهاداتهم بمن فيهم زوجته كما يجيز لهم قانون الجزاء النمساوي.
وكانت ابنته قد روت في الشهادة المسجلة "المعاناة التي لا يمكن تصورها" التي فرضها عليها والدها الذي كان يستخدمها "كدمية" بحسب عبارة المدعية كريستين بوركهايزر.
وفي السياق ذاته ، كشف المتحدث باسم محكمة الجنايات فرانز كوتكا أن الخبيرة في الامراض النفسية ادلهايد كاستنر عرضت وجهة نظرها في اليوم الثاني من المحاكمة ، وخلصت إلى أن فريتزل مسئول قانونا عن أفعاله ، لكنه يعاني أيضا من مشاكل في شخصيته ، مشيرا إلى أن تقريرها لعب دورا حاسما في الحكم الذي صدر في 19 مارس .
نفي ثم اعتراف
وكان جوزيف فريتزل قد اعترف في ثالث أيام المحاكمة بكافة التهم الموجهة إليه وهى العبودية والاغتصاب وسلب الحريات والاختطاف والاحتجاز والإهمال المفضي للوفاة ، وقال أمام قاضي محكمة سانت بويلتن غربي العاصمة النمساوية فيينا:"اعترف بذنبي بكافة التهم".
هذا الاعتراف كان بمثابة تراجع عن موقفه السابق الذي أصر خلاله على ارتكابه فقط تهم الاغتصاب والاحتجاز والسفاح ، نافيا تهمتي القتل والاستعباد ، حيث ادعى أنه غير مسئول عن وفاة رضيع في 1996 في قبو المنزل العائلي في امشتيتن على بعد 130 كلم غرب فيينا، بعد يومين من ولادته لانه رفض نقله الى المستشفى لتلقي علاج من مشاكل في الجهاز التنفسي ، وتهمة القتل قد تعرضه لعقوبة السجن مدى الحياة.
كما نفى تهمة الاستعباد التي قد تعرضه لعقوبة بالسجن تتراوح ما بين 10 و20 سنة وهي تهمة توجهها محكمة للمرة الأولى في النمسا ، ولا ينص قانون الجزاء النمساوي على دمج العقوبات وهو لا يبقي إلا على أقسى عقوبة.
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى أن فريتزل يواجه تهمة قتل أحد أبنائه السبعة الذين أنجبهم من ابنته، التي لم تغادر القبو لمدة 24 عاماً، إلا أن المدعي العام غيرهارد سيدلاسك، قال إن المتهم لم يقم مثلما تردد بحرق جثة أحد أطفاله الذين أنجبتهم ابنته (43 عاماً)، ودفن رفاته داخل "قبو الرعب" ، وإنما هو تسبب بإهمال أدى إلى الوفاة ، حيث لم يطلب المساعدة الطبية لإنقاذ الطفل ميكائيل فرتيزل الذي توفي عقب ولادته مباشرة لنقص العناية الطبية.
أسوأ جريمة بأوروبا
وكانت القضية قد تفجرت عندما مرضت طفلة من أولاده في القبو وبادر للذهاب بها للطبيب ، وبالنظر لأن الطفلة لم تر الشمس أبدا فقد شعر الطبيب بأن هناك خطأ ما ، وأبلغ الشرطة ، وكشفت التحقيقات في القضية التي شغلت الرأي العام العالمي كثيراً، أن فريتزل بدأ في اغتصاب ابنته إليزابيث، بينما كانت في الحادية عشرة من عمرها، وفي العام التالي بدأ في بناء قبو تحت منزله، حيث احتجزها فيه وهي في عمر الثامنة عشرة، وقام باغتصابها وأنجب منها سبعة أبناء.
وتبنى فريتزل وزوجته روزماري، ثلاثة من الأولاد الذين أنجبهم من ابنته، بينما ظل ثلاثة آخرون محتجزين في القبو مع والدتهم، ولم يخرج أي منهم إلى النور منذ ولادتهم، إلى أن تم الكشف عن هذه الجريمة البشعة التي وصفت بالأسوأ من نوعها في أوروبا أواخر إبريل 2008 .
وأعلنت الشرطة النمساوية أن فريتزل، وهو مهندس ميكانيكي سابق، قام بتجهيز قبو منزله ليكون سجناً لابنته، مشيرة إلى أن القبو كان مزوداً بمواد عازلة للصوت، وباب معدني يتم فتحه وإغلاقه إلكترونياً عن طريق "كلمة سر" لا يعرفها سواه.
وقال فرانز بولز، ضابط أمن في بلدة "أمستيتن"، حيث حدثت الواقعة: "هذا الرجل عاش حياة مزدوجة لأربعة وعشرين عاماً، لدية زوجة وسبعة أطفال منها، ولديه عائلة أخرى من ابنته، التي أنجب منها سبعة أطفال آخرين".
وبعد اكتشاف جريمته، أقر فريتزل بأنه "ارتكب أعمالاً خاطئة"، وقال في ملاحظات مكتوبة كشف عنها محاميه رودلف ماير: "أعرف أن ما قمت بارتكابه طوال الـ24 عاماً الماضية، لم يكن صحيحاً، وإنني كنت مجنوناً لأقوم بارتكاب مثل هذه الأمور" ، وقال إنه كان يهتم كثيراً لأمر أسرته التي كانت تعيش داخل القبو، حيث كان يزودهم دائماً بالزهور والكتب والألعاب.
عقدة نفسية
وكشفت طبيبته النفسية أنه يعاني من عقدة نفسية قد تكون مرتبطة بأمه، مشيرة إلى أنه اعترف في أواخر أكتوبر الماضي بأنه قام باحتجاز والدته لعدة سنوات في غرفة "مظلمة" داخل المنزل حتى وفاتها، انتقاماً منها لسوء معاملتها له.
ومازالت سلطات التحقيق تبذل جهوداً مضنية للبحث عن أدلة على تقارير أشارت إلى تورط فريتزل في قضية "تحرش جنسي" في ستينيات القرن الماضي، حيث تتخلص الشرطة من سجلات الجرائم المحفوظة لديها بعد فترة محددة، بحسب القوانين المعمول بها في النمسا ، كما أشارت تقارير أخرى إلى أن سلطات التحقيق تبحث عن أدلة حول "مزاعم" تفيد بتورط فريتزل في جريمة قتل امرأة قبل أكثر من 20 عاماً، لم يتم كشف غموضها إلى الآن.